وقد روينا في حديث البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم باتباع الجنازة والأغلب من معنى ذلك هو المشي خلفها أيضا فصار بذلك من حق الجنازة إتباعها والصلاة عليه إن كان يصلى عليها يكون في صلاته عليها متأخرا عنها فالنظر على ذلك أن يكون المتبع لها في اتباعه لها متأخرا عنها فهذا هو النظر مع ما قد وافقه من الآثار وقد حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أحمد بن يونس قال ثنا إسرائيل عن عبد الله بن شريك العامري قال سمعت الحارث بن أبي ربيعة سأل عبد الله بن عمر عن أم ولد له نصرانية ماتت فقال له بن عمر رضي الله عنهما تأمر بأمرك وأنت بعيد منها ثم تسير أمامها فان الذي يسير أمام الجنازة ليس معها فهذا بن عمر يخبر أن الذي يسير أمام الجنازة ليس معها فاستحال أن يكون ذلك عنده كذلك وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم يمشى أمام الجنازة فثبت بذلك أن أصل حديث سالم الذي رويناه في أول هذا الباب إنما هو كما رواه مالك عن الزهري موقوفا أو كما رواه عقيل ويونس عن الزهري عن سالم موقوفا لا كما رواه بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه مرفوعا حدثنا ابن أبي مريم قال ثنا الفريابي قال ثنا إسرائيل قال ثنا أبو يحيى عن مجاهد قال كنت مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما جالسا فمرت جنازة فقام بن عمر رضي الله عنهما ثم قال قم فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام لجنازة يهودي مرت عليه فقيل هل لك أن تتبعها فإن في اتباع الجنازة أجرا فانطلقنا نمشي معها فنظر فرأى ناسا فقال ما أولئك الذين بين يدي الجنازة قلت هم أهل الجنازة فقال ما هم مع الجنازة ولكن كتفيها أو وراءها فبينما هو يمشي إذ سمع رانة فاستدارني وهو قابض على يدي فاستقبلها فقال لها شرا حرمتينا هذه الجنازة اذهب يا مجاهد فإنك تريد الاجر وهذه تريد الوزر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن نتبع الجنازة معها رانة فان قال قائل وكيف يجوز أن يكون المشي خلف الجنازة أفضل من المشي أمامها وقد كان عمر بن الخطاب بحضرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة زينب يقدم الناس أمامها فذلك دليل على أنه كان لا يرى المشي خلفها أصلا ولولا ذلك لأباحه لمن مشى خلفها قيل له وكيف يجوز ما ذكرت وقد قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنهما يريد أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يعلمان أن المشي خلفها أفضل من المشي أمامها ثم يفعل هذا المعنى الذي ذكرت
(٤٨٤)