قال قلت فإني رأيت أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يمشيان أمامها فقال إنهما يكرهان أن يحرجا الناس حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا أبو الأحوص عن أبي فروة الهمداني عن زائدة بن خراش قال ثنا ابن أبزى عن أبيه قال كنت أمشي في جنازة فيها أبو بكر وعمر وعلى رضي الله عنهم فكان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما يمشيان أمامها وعلى رضي الله عنه يمشى خلفها يدي في يده فقال علي رضي الله عنه أما إن فضل الرجل يمشى خلف الجنازة على الذي يمشى أمامها كفضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ وأنهما ليعلمان من ذلك مثل الذي أعلم ولكنهما سهلان يسهلان على الناس ففي هذا الحديث تفضيل علي رضي الله عنه المشي خلف الجنازة على المشي أمامها وقوله ان أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يعلمان مثل ما أعلم وأنهما إنما يتركان ذلك للتسهيل على الناس لا لان ذلك أفضل من غيره وهذا مما لا يقال بالرأي إنما يقال ويعلم بما قد وقفهم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمهم إياه من ذلك فقد ثبت بتصحيح ما روينا أن المشي خلف الجنازة أفضل من المشي أمامها وقد حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو اليمان الحكم بن نافع البهراني قال ثنا أبو بكر بن أبي مريم عن راشد بن سعد عن نافع قال خرج عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وأنا معه على جنازة فرأى معها نساء فوقف ثم قال ردهن فإنهن فتنة الحي والميت ثم مضى فمشى خلفها فقلت يا أبا عبد الرحمن كيف المشي في الجنازة أمامها أم خلفها فقال أما تراني أمشي خلفها فهذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لما سئل عن المشي في الجنازة أجاب سائله أنه خلفها وهو الذي روينا عنه في الباب الأول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمشي أمامها فدل ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك على جهة التخفيف على الناس ليعلمهم أن المشي خلف الجنازة وإن كان أفضل من المشي أمامها ليس هو مما لا بد منه ولا مما يحرج تاركه ولكنه مما له أن يفعله ويفعل غيره وكذلك ما روى عن ابن عمر من ذلك فروى عنه سالم أنه كان يمشي أمام الجنازة فدل ذلك على إباحة المشي أمامها لا على أن ذلك أفضل من المشي خلفها ثم روى عنه نافع أنه مشى خلفها فدل ذلك أيضا على إباحته المشي خلفها لا على أن ذلك أفضل من غيره فلما سأله أخبره بالمشي الذي ينبغي له أن يفعل في الجنازة خلفها على أنه هو الذي هو أفضل من غيره
(٤٨٣)