وجاء الذين بإزاء العدو فصلوا لأنفسهم ركعة وسجدتين ثم جلسوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم بهم جميعا ففي هذا الحديث تحول الامام إلى العدو وبالطائفة التي صلت معه الركعة وليس ذلك في شئ من الآثار غير هذا الحديث وفي كتاب الله عز وجل ما يدل على دفع ذلك لان الله عز وجل قال (فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك) ففي هذه الآية معنيان موجبان لدفع هذا الحديث أحدهما قوله (لم يصلوا فليصلوا معك) فهذا يدل على أن دخولهم في الصلاة إنما هو في حين مجيئهم لا قبل ذلك وقوله (فلتقم طائفة منهم معك) ثم قال (ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك) فذكر الاتيان للطائفتين إلى الامام وقد وافق ذلك من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الآثار المتواترة التي بدأنا بذكرها فهي أولى من هذا الحديث وذهب آخرون في صلاة الخوف إلى ما حدثنا أبو بكرة وابن مرزوق قالا ثنا أبو عاصم عن الأشعث عن الحسن عن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الخوف فصلى بطائفة منهم ركعتين ثم انصرفوا وجاء الآخرون فصلى بهم ركعتين فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا وصلى كل طائفة ركعتين حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا أبو حرة عن الحسن عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله حدثنا ابن أبي داود قال ثنا موسى بن إسماعيل قال ثنا أبان قال ثنا يحيي عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بذات الرقاع فأقيمت الصلاة ثم ذكر مثله حدثنا ابن خزيمة قال ثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قال ثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سليمان بن قيس عن جابر بن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم محارب خصفة فصلى بهم صلاة الخوف فذكر مثل ذلك أيضا فقال قوم بهذا وزعموا أن صلاة الخوف كذلك ولا حجة لهم عندنا في هذه الآثار لأنه يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم صلاها كذلك لأنه لم يكن في سفر يقصر في مثله الصلاة فصلى بكل طائفة ركعتين ثم قضوا بعد ذلك ركعتين ركعتين وهكذا نقول نحن إذا حضر العدو في مصر فأراد أهل ذلك المصر أن يصلوا صلاة الخوف فعلوا هكذا يعنى بعد أن يكون تلك الصلاة ظهرا أو عصرا أو عشاء قالوا فإن القضاء ما ذكر قيل لهم قد يجوز أن يكونوا قد قضوا ولم ينقل ذلك في الخبر وقد يجئ في الاخبار مثل هذا كثيرا
(٣١٥)