وان كانوا لم يقضوا فإن ذلك عندنا لا حجة فيه أيضا لأنه يجوز أن يكون ذلك كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم والفريضة تصلى حينئذ مرتين فيكون كل واحدة منهما فريضة وقد كان ذلك يفعل في أول الاسلام ثم نسخ حدثنا حسين بن نصر قال سمعت يزيد بن هارون قال أنا حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن سليمان مولى ميمونة رضي الله عنها قال أتيت المسجد فرأيت بن عمر جالسا والناس في الصلاة فقلت ألا تصلى مع الناس فقال قد صليت في رحلي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تصلى فريضة مرتين فالنهي لا يكون الا بعد الإباحة فقد كان المسلمون هكذا يصنعون في بدء الاسلام يصلون في منازلهم ثم يأتون المسجد فيصلون تلك الصلاة التي أدركوها على أنها فريضة فيكونوا قد صلوا فريضة مرتين حتى نهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأمر بعد ذلك من جاء إلى المسجد فأدرك تلك الصلاة أن يصليها ويجعلها نافلة وترك بن عمر الصلاة مع القوم يحتمل عندنا ضربين يحتمل أن يكون تلك الصلاة صلاة لا يتطوع بعدها فلم يكن يجوز أن يصليها الا على أنها فريضة فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى فريضة في يوم مرتين أي فلا يجوز أن أصليها فريضة لأني قد صليتها مرة ولا أدخل معهم لأني لا يجوز لي التطوع في ذلك الوقت ويحتمل أن يكون سمع من النبي صلى الله عليه وسلم النهى عن إعادتها على هذا المعنى الذي نهى عنه ثم رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك أن تصلى على أنها نافلة فلم يسمع ذلك بن عمر رضي الله عنهما فنظرنا في ذلك فإذا بن أبي داود قد حدثنا قال ثنا الوهبي قال ثنا الماجشون عن عثمان بن سعيد بن أبي رافع قال أرسلني محرز بن أبي هريرة رضي الله عنه إلى بن عمر أسأله إذا صلى الرجل الظهر في بيته ثم جاء إلى المسجد والناس يصلون فصلى معهم أيتهما صلاته فقال بن عمر رضي الله عنهما صلاته الأولى ففي هذا الحديث أن بن عمر قد رأى أن الثانية تكون تطوعا فدل ذلك على أن تركه للصلاة في حديث سليمان إنما كان لأنها صلاة لا يجوز أن يتطوع بعدها فإن كانت في حديث أبي بكرة وجابر اللذين ذكرنا كان أولى الحكم ما وصفنا أن من صلى فريضة جاز أن يعيدها فتكون فريضة فلذلك صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين بالطائفتين وذلك هو جائز لو بقي الحكم على ذلك فأما إذا نسخ فنهى أن تصلى فريضة مرتين فقد ارتفع ذلك المعنى الذي له صلى بكل طائفة ركعتين وبطل العمل به فلا حجة لهم في حديث أبي بكرة وجابر لاحتمالهما ما ذكرنا
(٣١٦)