قيل له قد يحتمل أن يكون ذلك السلام المذكور في هذا الموضع هو سلام التشهد الذي لا يراد به قطع الصلاة ويحتمل أن يكون سلاما أراد به اعلام الطائفة الأولى بأوان انصرافها والكلام حينئذ مباح له في الصلاة غير قاطع لها على ما قد روى في ذلك عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وعن أبي سعيد الخدري وعن يزيد بن أرقم على ما قد روينا عن كل واحد منهم في الباب الذي ذكرنا فيه وجوه حديث ذي اليدين في غير هذا الموضع من هذا الكتاب وقد روى عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلاها على غير هذا المعنى حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم قال ثنا سعيد بن أبي مريم قال أنا يحيى بن أيوب قال حدثني يزيد بن الهاد قال حدثني شرحبيل بن سعد أبو سعد عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وطائفة من خلفه من وراء الطائفة التي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم قعود وجوههم كلهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبرت الطائفتان وركع وركعت الطائفة التي خلفه والآخرون قعود ثم سجد فسجدوا أيضا والآخرون قعود ثم قام وقاموا فنكصوا خلفه حتى كانوا مكان أصحابهم وأتت الطائفة الأخرى فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة وسجدتين والآخرون قعود ثم سلم فقامت الطائفتان كلتاهما فصلوا لأنفسهم ركعة وسجدتين ركعة وسجدتين فهذا الحديث عندنا من المحال الذي لا يجوز كونه لان فيه أنهم دخلوا في الصلاة وهم قعود وقد أجمع المسلمون أن رجلا لو افتتح الصلاة قاعدا ثم قام فأتمها قائما ولا عذر له في شئ من ذلك أن صلاته باطلة فكان الدخول لا يجوز الا على ما يكون عليه الركوع والسجود فاستحال أن يكون الذين كانوا خلف النبي صلى الله عليه وسلم في الصف الثاني دخلوا في الصلاة وهم قعود فثبت عن جابر بن عبد الله ما رويناه عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في غير هذا الحديث وذهب آخرون في صلاة الخوف إلى ما حدثنا علي بن شيبة قال ثنا قبيصة قال ثنا سفيان الثوري عن منصور عن مجاهد عن أبي عياش الزرقي قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر ب عسفان والمشركون بينه وبين القبلة فيهم أو عليهم خالد بن الوليد فقال المشركون لقد كانوا في صلاة لو أصبنا منهم لكانت الغنيمة فقال المشركون انها ستجئ صلاة هي أحب إليهم من آبائهم وأبنائهم قال فنزل جبريل عليه السلام بالآيات فيما بين الظهر والعصر قال فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر وصف الناس صفين وكبر وكبروا معه جميعا ثم ركع وركعوا معه جميعا
(٣١٨)