بنت الحارث قالت صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته المغرب في ثوب واحد متوحشا به فقرأ والمرسلات ما صلى بعدها صلاة حتى قبض فزعم قوم أنهم يأخذون بهذه الآثار ويقلدونها وخالفهم آخرون في قولهم فقالوا لا ينبغي أن يقرأ في المغرب إلا بقصار المفصل وقالوا قد يجوز أن يكون يريد بقوله قرأ بالطور قرأ ببعضها وذلك جائز في اللغة يقال هذا فلان يقرأ القرآن إذا كان يقرأ شيئا منه ويحتمل قرأ بالطور قرأ بكلها فنظرنا في ذلك هل روى فيه شئ يدل على أحد التأولين فإذا صالح بن عبد الرحمن وابن أبي داود قد حدثنا قالا ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال قدمت المدينة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأكلمه في أسارى بدر فانتهيت إليه وهو يصلي بأصحابه صلاة المغرب فسمعته يقرأ (إن عذاب ربك لواقع) فكأنما صدع قلبي فلما فرغ كلمته فيهم فقال شيخ لو كان أتاني لشفعته يعني أباه مطعم بن عدي فهذا هشيم قد روى هذا الحديث عن الزهري فبين القصة على وجهها وأخبر أن الذي سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم (إن عذاب ربك لواقع) فبين هذا أن قوله في الحديث الأول قرأ بالطور إنما هو ما سمعه يقرأ منها وليس لفظ جبير إلا ما روي هشيم لأنه ساق القصة على وجهها فصار ما حكى فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم هو قراءته (إن عذاب ربك لواقع) خاصة وأما حديث مالك مختصر من هذا وكذلك قول زيد بن ثابت في قوله لمروان لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها بأطول الطول المص يجوز أن يكون ذلك على قراءته ببعضها ومما يدل أيضا على صحة هذا التأويل: أن محمد بن خزيمة حدثنا قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنهم كانوا يصلون المغرب ثم ينتضلون (حدثنا أحمد بن داود بن موسى قال ثنا عبيد الله بن محمد وموسى بن إسماعيل قالا ثنا حماد قال أنا ثابت عن أنس رضي الله عنه قال كنا نصلي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرمى أحدنا فيرى موضع نبله حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد فذكر بإسناده مثله
(٢١٢)