ألا ترى أن ثوبا لو أصابه بول فخفي مكانه أنه لا يطهره النضح وأنه لا بد من غسله كله حتى يعلم طهوره من النجاسة فلما كان حكم المني عند عائشة رضي الله عنها إذا كان موضعه من الثوب غير معلوم النضح ثبت بذلك أن حكمه كان عندها بخلاف سائر النجاسات وقد اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فروى عنهم في ذلك ما حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد قال ثنا هشيم قال أنا حصين عن مصعب بن سعد عن أبيه أنه كان يفرك الجنابة من ثوبه فهذا يحتمل أن يكون كان يفعل ذلك لأنه عنده طاهر ويحتمل أن يكون كان يفعل ذلك كما يفعل بالروث المحكوك من النعل لا لأنه عنده طاهر حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن هشام بن عروة عن أبيه عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أنه أعتمر مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ركب فيهم عمرو بن العاص وأن عمر عرس ببعض الطريق قريبا من بعض المياه فاحتلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد كاد أن يصبح فلم يجد ماء في الركب فركب حتى جاء الماء فجعل يغسل ما رأى من الاحتلام حتى أسفر فقال له عمرو أصبحت ومعنا ثياب فدع ثوبك فقال عمر بل أغسل ما رأيت وأنضح ما لم أره حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن هشام بن عروة عن أبيه عن زيد بن الصلت أنه قال خرجت مع عمر بن الخطاب إلي الجرف فنظر فإذا هو قد احتلم ولم يغتسل فقال والله ما أراني إلا قد احتلمت وما شعرت وصليت وما اغتسلت فاغتسل وغسل ما رأى في ثوبه ونضح ما لم يره فأما ما روى يحيى بن عبد الرحمن عن عمر فهو يدل على أن عمر فعل ما لا بد له منه لضيق وقت الصلاة ولم ينكر ذلك عليه أحد ممن كان معه فدل ذلك على متابعتهم إياه على ما رأى من ذلك وأما قوله وأنضح ما لم أره بالماء فإن ذلك يحتمل أن يكون أراد به وأنضح ما لم أر مما أتوهم أنه أصابه ولا أتيقن ذلك حتى يقطع ذلك عنه الشك فيما يستأنف ويقول هذا البلل من الماء حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو الوليد قال ثنا عبد الله بن المبارك عن معمر عن الزهري عن طلحة بن عبد الله عن أبي هريرة قال في المني يصيب الثوب إن رأيته فاغسله وإلا فاغسل الثوب كله فهذا يدل على أنه قد كان يراه نجسا حدثنا حسين بن نصر قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال امسحوا بإذخر فهذا يدل على أنه قد كان يراه طاهرا
(٥٢)