قال القرطبي في قصة أبى إسرائيل هذا أعظم حجة للجمهور في عدم وجوب الكفارة على من نذر معصية أو ما لا طاقة فيه.
قال مالك: لم أسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بكفارة.
قال الخطابي: قد تضمن نذره نوعين الطاعة والمعصية، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالوفاء بما كان منها من طاعة وهو الصوم، وأن يترك ما ليس بطاعة من القيام في الشمس وترك الكلام وترك الاستظلال بالظل، وذلك أن هذه الأمور مشاق تتعب البدن وتؤذيه، وليس في شئ منها قربة إلى الله تعالى وقد وضع عن الأمة الأغلال التي كانت على من قبلهم، وتنقلب النذر فيه معصية، فلا يلزم الوفاء ولا تجب الكفارة فيه انتهى.
وقال العيني: وإنما أمره بإتمام الصوم لأن الصوم قربة بخلاف أخواته وفيه دليل على أن السكوت عن المباح أو عن ذكر الله ليس بطاعة، وكذلك الجلوس في الشمس، وفي معناه كل ما يتأذى به الانسان مما لا طاعة فيه ولا قربة بنص كتاب أو سنة كالجفاء، وإنما الطاعة ما أمر الله به رسوله صلى الله عليه وسلم انتهى.
وفيه دليل أيضا على إبطال ما أحدثته الجهلة المتصوفة من الأشغال الشديدة المحدثة والأعمال الشاقة المنكرة ويزعمون أنها طريقة تزكية أنفاسهم وهذا جهل منهم عن أحكام الشريعة فإن النبي صلى الله عليه وسلم ما ترك لنا شيئا إلا بينه، فمن أين وجدوها ومن أين أخذوها والله أعلم والحديث أخرجه البخاري وابن ماجة.
(باب من رأى عليه) أي على الناذر (كفارة إذا كان) النذر (في معصية) كما هو مذهب أبي حنيفة وسفيان الثوري، وروي ذلك عن أحمد وإسحاق ونقل الترمذي اختلاف الصحابة في ذلك.
(لا نذر في معصية) وفي رواية مسلم من حديث عمران ((لا وفاء لنذر في معصية)) وفي