قال السبكي: الذي ينبغي أن يقال في ذلك إنه إن منع غيره من الشراء وحصل به ضيق حرم وإن كانت الأسعار رخيصة وكان القدر الذي يشتريه لا حاجة بالناس إليه فليس لمنعه من شرائه وادخاره إلى وقت حاجة الناس إليه معنى.
وأما إمساكه حالة استغناء أهل البلد عنه رغبة في أن يبيعه إليهم وقت حاجتهم إليه فينبغي أن لا يكره بل يستحب.
والحاصل أن العلة إذا كانت هي الإضرار بالمسلمين لم يحرم الاحتكار إلا على وجه يضربهم، ويستوي في ذلك القوت وغيره لأنهم يتضررون بالجميع والله أعلم.
(باب في كسر الدراهم) (أن تكسر) بصيغة المجهول (سكة المسلمين) بكسر السين وشدة الكاف. قال في النهاية: يعني الدراهم والدنانير المضروبة يسمى كل واحد منهما سكة لأنه طبع بسكة الحديد انتهى. وسكة الحديد هي الحديدة المقوشة التي تطبع عليها الدراهم والدنانير (الجائزة بينهم) يعني النافقة في معاملتهم (إلا من بأس) كأن تكون زيوفا.
قال الخطابي: واختلفوا في علة النهي فقال بعضهم: إنما كره لما فيه من ذكر اسم الله سبحانه، وقال بعضهم: كره من أجل الوضيعة، وفيه تضييع المال وبلغني عن أبي العباس بن سريج أنه قال: كانوا يقرضون الدراهم ويأخذون أطرافها فنهوا عنه. وزعم بعض أهل العلم أنه إنما كره قطعها وكسرها من أجل التدنيق. وقد قال الحسن البصري: لعن الله الدانق وأول من أحدث الدانق انتهى ملخصا.
وفي النيل: وفي معنى كسر الدراهم كسر الدنانير والفلوس التي عليها سكة الإمام، لا سيما إذا كان التعامل بذلك جاريا بين المسلمين كثيرا. والحكمة في النهي ما في الكسر من الضرر بإضاعة المال لما يحصل من النقصان في الدراهم ونحوها إذا كسرت وأبطلت المعاملة بها.