(باب في كراهية الرشوة) قال في القاموس: الرشوة مثلثة الجعل جمعها رشى ورشى ورشاه أعطاء إياها وارتشى أخذها.
(ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث المدني (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي) ولفظ أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لعنة الله على الراشي والمرتشي في الحكم)) وأخرجه الترمذي أيضا ولفظه قال: ((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في الحكم)) وقال حديث أبي هريرة حسن.
قال القاري: أي معطي الرشوة وآخذها، وهي الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة. قيل الرشوة ما يعطى لإبطال حق أو لإحقاق باطل، أما إذا أعطى ليتوصل به إلى حق أو ليدفع به عن نفسه ظلما فلا بأس به، وكذا الآخذ إذا أخذ ليسعى في إصابة صاحب الحق فلا بأس به، لكن هذا ينبغي أن يكون في غير القضاة والولاة، لأن السعي في إصابة الحق إلى مستحقه ودفع الظالم عن المظلوم واجب عليهم فلا يجوز لهم الأخذ عليه. قال القاري: كذا ذكره ابن الملك. وقوله وكذا الآخذ بظاهره ينافيه حديث أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من شفع لأحد شفاعة)) الحديث انتهى. وحديث أبي أمامة هذا تقدم في باب الهدية لقضاء الحاجة.
وقال في مجمع البحار: ومن يعطي توصلا إلى أخذ حق أو دفع ظلم فغير داخل فيه. روي أن ابن مسعود أخذ بأرض الحبشة في شئ فأعطى دينارين حتى خلي سبيله. وروي عن جماعة من أئمة التابعين قالوا: لا بأس أن يصانع عن نفسه وماله إذا خاف الظلم انتهى.
وقال القاضي الشوكاني في النيل: والتخصيص لطالب الحق بجواز تسليم الرشوة منه للحاكم لا أدري بأي مخصص، والحق التحريم مطلقا أخذا بعموم الحديث، ومن زعم الجواز في صورة من الصور فإن جاء بدليل مقبول وإلا كان تخصيصه ردا عليه، ثم بسط الكلام فيه.
قال الإمام ابن تيمية في المنتقى: حديث عبد الله بن عمرو أخرجه الخمسة إلا النسائي