(باب في اجتناب الشبهات) (إن الحلال بين) أي واضح لا يخفى حله (وإن الحرام بين) أي لا يخفى حرمته، وفيه تقسيم للأحكام إلى ثلاثة أشياء وهو تقسيم صحيح، لأن الشيء إما أن ينص الشارع على طلبه مع الوعيد على تركه، أو ينص على تركه مع الوعيد على فعله، أو لا ينص على واحد منهما: فالأول الحلال البين، والثاني الحرام البين، والثالث المشتبه لخفائه فلا يدري أحلال هو أم حرام، وما كان هذا سبيله ينبغي اجتنابه لأنه إن كان في نفس الأمر حراما فقد برئ من التبعة، وإن كان حلالا فقد استحق الأجر على الترك لهذا القصد، لأن الأصل مختلف فيه حظرا وإباحة. وهذا التقسيم قد وافق قول من قال إن المباح والمكروه من المشبهات. كذا في النيل.
وقال النووي: الحلال بين والحرام بين معناه أن الأشياء ثلاثة أقسام، حلال بين واضح لا يخفى حله، كالخبز والفواكه والزيت وغير ذلك من المطعومات وكذلك الكلام والنظر والمشي من التصرفات فيها حلال بين واضح لا شك في حله، وأما الحرام البين فكالخمر والخنزير والميتة والبول، وكذلك الزنا والكذب والغيبة وأشباه ذلك (وبينهما أمور متشابهات) وفي بعض النسخ مشتبهات من باب الافتعال، وفي بعضها مشبهات من باب التفعيل وقال النووي: وأما المشبهات فمعناه أنها ليست بواضحة الحل ولا الحرمة، فلهذا لا يعرفها كثير من الناس ولا يعلمون حكمها، وأما العلماء فيعرفون حكمها بنص أو قياس أو استصحاب أو غير ذلك وأطال النووي فيه الكلام (أحيانا) ظرف مقدم ليقول أي يقول في بعض الأوقات (مشتبهة) أي مكان متشابهات (وسأضرب لكم في ذلك مثلا) أي سأبين لإيضاح حكم تلك الأمور مثالا (إن الله حمى حمى) بكسر الحاء وفتح الميم هو ما يحميه الإمام لمواشيه ويمنع الغير (يوشك) بكسر الشين المعجمة أي يقرب (أن يخالطه) أي يقع في الحمى، شبه المكلف