المستأجر لم يستأجره بفرق معين وإنما استأجره بفرق في الذمة، لما عرض عليه قبضه امتنع لرداءته، فلم يدخل في ملكه بل بقي حقه متعلقا بذمة المستأجر، لأن ما في الذمة لا يتعين إلا بقبض صحيح، فالنتاج الذي حصل على ملك المستأجر تبرع به للأجير بتراضيهما. وغاية ذلك أنه أحسن القضاء فأعطاه حقه وزيادات كثيرة، ولو كان الفرق تعين للأجير لكان تصرف المستأجر فيه تعديا انتهى كلام القسطلاني مختصرا، وهذا الجواب مدفوع من وجوه شتى وليس هذا المختصر محل لبيانه.
قال المنذري: وأخرجه البخاري ولمسلم بنحوه أتم منه.
(باب في الشركة على غير رأس مال) أي الشركة بين الناس على غير أصل المال على الأجرة والعمل، فما يحصل لهم بعد العمل والأجرة فهو يشترك بينهم.
(عن عبد الله) هو ابن مسعود رضي الله عنه (اشتركت أنا وعمار وسعد إلخ) استدل بهذا الحديث على جواز شركة الأبدان وهي أن يشترك العاملان فيما يعملانه فيوكل كل واحد منهما صاحبه أن يتقبل ويعمل عنه في قدر معلوم مما استؤجر عليه ويعينان الصنعة، وقد ذهب إلى صحتها مالك بشرط اتحاد الصنعة. وإلى صحتها ذهب أبو حنيفة وأصحابه، وقال الشافعي شركة الأبدان كلها باطلة لأن كل واحد منهما متميز ببدنه ومنافعه فيختص بفوائده، وهذا كما لو اشتركا في ماشيتهما وهي متميزة ليكون الدر والنسل بينهما فلا يصح. وأجابت الشافعية عن هذا الحديث بأن غنائم بدر كانت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدفعها لمن يشاء، وهذا الحديث حجة على أبي حنيفة وغيره ممن قال إن الوكالة في المباحات لا تصح. كذا في النيل قال المنذري: وأخرجه النسائي وابن ماجة وهو منقطع. وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه.