إليه أهل البلد أم لا، وسواء باعه له على التدريج أم دفعة واحدة. وقالت الحنفية إنه يختص المنع من ذلك بزمن الغلاء وبما يحتاج إليه أهل المصر. وقالت الشافعية والحنابلة إن الممنوع إنما هو أن يجيء البلد بسلعة يريد بيعها بسعر الوقت في الحال فيأتيه الحاضر فيقول ضعه عندي لأبيعه لك على التدريج بأغلى من هذا السعر. قال في الفتح. فجعلوا الحكم منوطا بالبادي ومن شاركه في معناه. قالوا وإنما ذكر البادي في الحديث لكونه الغالب فألحق به من شاركه في عدم معرفة السعر من الحاضرين وجعلت المالكية البداوة قيدا وعن مالك لا يلتحق بالبدوي في ذلك إلا من كان يشبهه، فأما أهل القرى الذين يعرفون أثمان السلع والأسواق فليسوا داخلين في ذلك. وحكى ابن المنذر عن الجمهور أن النهي للتحريم إذا كان البائع عالما والمبتاع مما تعم الحاجة إليه ولم يعرضه البدوي على الحضري. وقد ذكر ابن دقيق العيد فيه تفصيلا حاصله أن يجوز التخصيص به حيث يظهر المعنى لا حيث يكون خفيا، فاتباع اللفظ أولى ولكنه لا يطمئن الخاطر إلى التخصيص به مطلقا، فالبقاء على ظواهر النصوص هو الأولى، فيكون بيع الحاضر للبادي محرما على العموم وسواء كان بأجرة أم لا. وروى عن البخاري أنه حمل النهي على البيع بالأجرة لا بغير أجرة فإنه من باب النصيحة. وروى عن عطاء ومجاهد وأبي حنيفة أنه يجوز بيع الحاضر للبادي مطلقا، وتمسكوا بأحاديث النصيحة انتهى مختصرا والله أعلم. قال المنذري: وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة.
(باب من اشترى مصراة فكرهها) (لا تلقوا) بفتح التاء واللام والقاف المشددة وأصله لا تتلقوا (الركبان) بضم الراء جمع راكب (للبيع) أي لأجل البيع، وتقدم الكلام على التلقي في باب التلقي (ولا يبع بعضكم على بيع بعض) تقدم شرحه في الباب المذكور (ولا تصروا) بضم أوله وفتح الصاد المهملة وضم الراء المشددة من صريت اللبن في الضرع إذا جمعته، وظن بعضهم أنه من صررت فقيده بفتح أوله وضم ثانيه. قال في الفتح والأول أصح انتهى. قال الشافعي: التصرية هي ربط أخلاف الشاة أو الناقة وترك حلبها حتى يجتمع لبنها فيكثر فيظن المشتري أن ذلك عادتها فيزيد في ثمنها لما