(في قصته) أي قصة كعب بن مالك (قال) صلى الله عليه وسلم (لا) أي لا تفعل هكذا (فنصفه) أي فأتصدق نصفه وفي فتح الباري ونيل الأوطار وقد اختلف السلف فيمن نذر أن يتصدق بجميع ماله على عشرة مذاهب، الأول أنه يلزمه الثلث فقط لهذا الحديث، قاله مالك.
ونوزع في أن كعبا لم يصرح بلفظ النذر ولا بمعناه بل يحتمل أنه نجز النذر، ويحتمل أن يكون أراده فاستأذن. والانخلاع الذي ذكره ليس بظاهر في صدور النذر منه. وعند الكثير من العلماء وجوب الوقاء ممن التزم أن يتصدق بجميع ماله إذا كان على سبيل القربة. وقبل إن كان مليا لزمه وإن كان فقيرا فعليه كفارة يمين، وهذا قول الليث، ووافقه ابن وهب وزاد وإن كان متوسطا يخرج قدر زكاة ماله، والأخير عن أبي حنيفة وهو قول ربيعة وأطال الكلام في ذكر المذاهب.
وإذا تقرر ذلك فقد دل حديث كعب أنه يشرع لمن أراد التصدق بجميع ماله أن يمسك بعضه، ولا يلزم من ذلك أنه لو نجزه لم ينفذ. وقيل إن التصدق بجميع المال يختلف باختلاف الأحوال، فمن كان قويا على ذلك يعلم من نفسه الصبر لم يمنع، وعليه يتنزل فعل أبي بكر الصديق رضي الله عنه وإيثار الأنصار على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، ومن لم يكن كذلك فلا، وعليه يتنزل: ((لا صدقة إلا عن ظهر غنى)) وفي لفظ ((أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى)) والله أعلم. في إسناده محمد بن إسحاق وقد تقدم الكلام عليه انتهى. قلت: ها هنا صرح بالتحديث فيكون حديثه حجة.
(باب نذر الجاهلية الخ) (إني نذرت في الجاهلية) أي الحال التي كنت عليها قبل الإسلام من الجهل بالله ورسوله وشرائع الدين وغير ذلك. ولفظ ابن ماجة ((نذرت نذرا في الجاهلية فسألت النبي صلى الله عليه وسلم