(باب في كسب الحجام) (كسب الحجام خبيث) أي حرام (ومهر البغي) بفتح الموحدة وكسر المعجم تشديد الياء وهو فعول في الأصل بمعنى الفاعلة من بغت المرأة بغاء بالكسر إذا زنت، ومنه قوله تعالى: (ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء) ومهر البغي هو ما تأخذه الزانية على الزنا، وسماه مهرا لكونه على صورته، وهو حرام بإجماع المسلمين.
وأما ثمن الكلب ففي حرمته اختلاف وسيجئ بيانه في بابه. وأما كسب الحجام ففيه أيضا اختلاف، فقال بعض أصحاب الحديث على ما في النيل إنه حرام، واستدلوا بهذا الحديث وما في معناه، وذهب الجمهور إلى أنه حلال، واستدلوا بحديث ابن عباس وحديث أنس آتيين في الباب وقالوا إن المراد بالخبيث في قوله: ((كسب الحجام خبيث)) المكروه تنزيها لدناءته وخسته لا المحرم كما في قوله تعالى: (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) فسمى راذل المال خبيثا. ومنهم من ادعى النسخ وأنه كان حراما ثم أبيح، وهو صحيح إذا عرف التاريخ وقال الخطابي: ما محصله أن معنى الخبيث في قوله: ((كسب الحجام خبيث)) الدني وأما قوله: ((ثمن الكلب خبيث)) و ((مهر البغي خبيث)) فمعناه المحرم، وقد يجمع الكلام بين القرائن في اللفظ ويفرق بينهما في المعاني، وذلك على حسب الأغراض والمقاصد فيها، وقد يكون الكلام في الفصل الواحد بعضه على الوجوب، وبعضه على الندب، وبعضه على الحقيقة، وبعضه على المجاز، وإنما يعلم ذلك بدلائل الأصول وباعتبار معانيها انتهى.
قال المنذري: وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي (عن ابن محيصة) بفتح المهملة الأولى والثانية بينهما تحتانية ساكنة، أو مكسورة مشددة (في إجارة الحجام) أي في أجرته كما في رواية الموطأ، أي في أخذها أو أكلها (فنهاه عنها) قال النووي: هذا نهي تنزيه للارتفاع عن