عن أنفسكم شيئا جرى القضاء به عليكم، فإذا فعلتم ذلك فاخرجوا عنه بالوفاء به، فإن الذي نذرتموه لازم لكم. هذا معنى الحديث ووجهه. وقوله عليه السلام إنما يستخرج به من البخيل فثبت بذلك وجوب استخراجه من ماله، ولو كان غير لازم له لم يجز أن يكره عليه والله أعلم (لا يرد شيئا) قال الخطابي: فيه دليل على أن النذر إنما يصح إذا كان معلقا بشئ كما يقول إن شفى الله مريضي فلله علي أن أتصدق بألف درهم، وإن قدم غائبي أو سلم مالي في نحو ذلك من الأمور. فأما إذا قال علي أن أتصدق بألف درهم فليس هذا بنذر، وإلى هذا ذهب الشافعي في أحد قوليه وهو غالب مذهبه. وحكى عن أبي العباس أحمد بن يحيى أنه قال: النذر وعد بشرط. وقال أبو حنيفة: النذر لازم وإن لم يعلق بشرط والله أعلم (وإنما يستخرج به) أي بسبب النذر (من البخيل) لأن غير البخيل يعطي باختياره بلا واسطة النذر.
قال العيني: يعني أن من الناس من لا يسمح بالصدقة والصوم إلا إذا نذر شيئا لخوف أو طمع، فكأنه لو لم يكن ذلك الشيء الذي طمع فيه أو خافه لم يسمح بإخراج ما قدره الله تعالى ما لم يكن يفعله فهو بخيل انتهى.
قال المنذري: والحديث أخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة انتهى قال المزي في الأطراف: حديث عبد الله بن مرة الهمداني الحارثي الكوفي عن ابن عمر أخرجه البخاري في القدر وفي النذر، ومسلم في النذور، والنسائي فيه، وابن ماجة في الكفارات وأبو داود في النذور عن عثمان بن أبي شيبة عن جرير، وعن مسدد عن أبي عوانة عن منصور عن عبد الله بن مرة. وحديث مسدد في رواية أبى الحسن بن العبد وأبى بكر بن داسة، ولم يذكره أبو القاسم انتهى كلامه. فجرير وأبو عوانة كلاهما يرويان عن منصور والله أعلم.
(لا يأتي ابن آدم) منصوب لأنه مفعول (النذر) بالرفع فاعل لا يأتي (القدر) مفعول ثان (بشئ لم أكن قدرته) أي الشيء والجملة صفة لقوله بشئ وهو من الأحاديث القدسية ولكنه ما صرح برفعه إلى الله تعالى (له) أي لابن آدم (ولكن يلقيه) بضم الياء من الإقاء أي ابن آدم