قلت: ويشير إلى هذا التأويل حديث أنس المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمرة حتى تزهى، قالوا وما تزهى؟ قال تحمر، وقال إذا منع الله الثمرة فبم تستحل مال أخيك. وأجاب عنه في النيل بأن التنصيص على وضع الجوائح قبل الصلاح لا ينافي الوضع مع البيع بعده ولا يصلح مثله لتخصيص ما دل على وضع الجوائح ولا لتقييده والله تعالى أعلم وعلمه أتم. قال المنذري: وأخرجه مسلم والنسائي وابن ماجة.
(باب في تفسير الجائحة) (عن عطاء) هو ابن أبي رباح (قال الجوائح) جمع جائحة يقال جاحهم الدهر واجتاحهم بتقديم الجيم على الحاء فيهما إذا أصابهم بمكروه عظيم (كل ظاهر) أي غالب (مفسد) أي للثمار (من مطر أو برد إلخ) قال في النيل: ولا خلاف أن البرد والقحط والعطش جائحة، وكذلك كل ما كان آفة سماوية، وأما ما كان من الآدميين كالسرقة ففيه خلاف منهم من لم يره جائحة لقوله في حديث أنس ((إذا منع الله الثمرة)) ومنهم من قال إنه جائحة تشبيها بالآفة السماوية انتهى. وقول عطاء هذا سكت عنه المنذري.
(لا جائحة فيما أصيب دون ثلث رأس المال) أي لا يوضع بذلك شئ بدعوى الجائحة (وذلك في سنة المسلمين) أي علم ذلك بعملهم. كذا في فتح الودود، وكذلك قال: إن ذهبت الجائحة دون الثلث لم يجب وضع - الجائحة وإن كانت الثلث فأكثر وجب لقوله صلى الله عليه وسلم ((الثلث والثلث كثير)) ولم يصح في الثلث شئ عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو رأي أهل المدينة. وقول يحيى بن سعيد هذا سكت عنه المنذري.