(باب في بيع العرايا) جمع عرية بتشديد الياء. قال النووي: العرية أن يخرص الخارص نخلات فيقول هذا الرطب الذي عليها إذا يبس يحصل منه ثلاثة أوسق من التمر مثلا، فيبيعه لغيره بثلاثة أوسق تمر ويتقايضان ما في المجلس، فيسلم المشتري التمر ويسلم البائع النخل وهذا جائز في ما دون خمسة أوسق، ولا يجوز في ما زاد عليه، وفي جوازه في خمسة أوسق قولان للشافعي أصحهما لا يجوز، والأصح جوازه للأغنياء والفقراء، وأنه لا يجوز في غير الرطب والعنب من الثمار، وفيه قول ضعيف أنه مختص بالفقراء، وقول أنه لا يختص بالرطب والعنب انتهى.
(رخص في بيع العرايا بالتمر والرطب) وفي رواية للبخاري: ((بالرطب أو بالتمر)) كذا في رواية لمسلم.
قال القسطلاني: مقتضاه جواز بيع الرطب على النخل بالرطب على الأرض، وهو وجه عند الشافعية، فتكون أو للتخيير، والجمهور على المنع فيتأولون هذه الرواية بأنها من شك الراوي أيهما قال النبي صلى الله عليه وسلم. وما في أكثر الروايات يدل على أنه إنما قال التمر فلا يعول على غيره.
وقد وقع في رواية عند النسائي والطبراني ما يؤيد أن أو للتخيير لا للشك ولفظه:
((بالرطب وبالتمر)) انتهى قلت: ورواية أبي داود هذه أيضا تؤيد أن أو في رواية الشيخين للتخير لا للشك والله تعالى أعلم.
قال الخطابي: العرايا مستثناة من جملة النهي عن المزابنة ألا تراه يقول رخص في بيع العرايا والرخصة إنما تقع بعد الحظر، وقد قال بذلك أكثر الفقهاء مالك والشافعي والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو عبيد، وامتنع من القول به أصحاب الرأي، وذهبوا إلى جملة النهي الوارد في تحريم المزابنة، وفسروا العرية تفسيرا لا يليق بمعنى الحديث انتهى.
قال المنذري: وقد أخرج مسلم في صحيحه، والنسائي وابن ماجة في سننهما من حديث عبد الله بن عمر عن زيد بن ثابت ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في بيع العرية بخرصها