فدخلت على قوم لم أر قوما أشد اجتهادا منهم أيديهم كأنها ثفن (1) الإبل ووجوههم معلنة من آثار السجود فدخلت فقالوا مرحبا بك يا ابن عباس لا تحدثوه وقال بعضهم لنحدثنه قال قلت أخبروني ما تنقمون على ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه وأول من آمن به وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم معه قالوا ننقم عليه ثلاثا قلت ما هن قالوا أولهن أنه حكم الرجال في دين الله وقد قال الله تعالى (ان الحكم إلا لله) قلت وماذا قالوا قاتل ولم يسب ولم يغنم لئن كانوا كفارا لقد حلت أموالهم وان كانوا مؤمنين لقد حرمت عليه دماؤهم قال قلت وماذا قالوا ومحى نفسه من أمير المؤمنين قال قلت أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله المحكم وحدثتكم من سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم مالا تنكرون أترجعون قالوا نعم قال قلت أما قولكم إنه حكم الرجال في دين الله فإنه تعالى يقول (يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم) إلى قوله (يحكم به ذوي عدل منكم) وقال في المرأة وزوجها (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها) أنشدكم الله أفحكم الرجال في دمائهم وأنفسهم وصلاح ذات بينهم أحق أم في أرنب ثمنها ربع درهم قالوا اللهم في حقن دمائهم وصلاح ذات بينهم قال أخرجت من هذه قالوا نعم وأما قولكم إنه قتل ولم يسب ولم يغنم أتسبون أمكم أم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها فقد كفرتم وإن زعمتم انها ليست بأمكم فقد كفرتم وخرجتم من الاسلام إن الله تبارك وتعالى يقول (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) وأنتم تترددون بين ضلالتين فاختاروا أيهما شئتم أخرجت من هذه قالوا اللهم نعم وأما قولكم محا نفسه من أمير المؤمنين فان رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا قريشا يوم الحديبية على أن يكتب بينه وبينهم كتابا فقال اكتب هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ولكن اكتب محمد بن عبد الله فقال والله إني لرسول الله وإن كذبتموني اكتب يا علي محمد
(٢٤٠)