فالأحاديث في هذا الشأن متضاربة أيضا، فبعضها يشير إلى أن الآية نزلت بعد أن كرر عمر قوله لرسول الله (صلى الله عليه وآله): إن رجالا يدخلون عليك بيتك، فكيف لا تأمر زوجاتك بالاستتار عنهم؟
وأخرى تقول: إنها نزلت عندما لبى عمر دعوة النبي (صلى الله عليه وآله) للأكل، وأصابت يده إصبع عائشة. فقال عمر: حس! لو أطاع فيكن ما رأتكن عين؟
وأحاديث أخرى تروي: أنها نزلت عندما أرادت سودة بنت زمعة زوجة الرسول (صلى الله عليه وآله) الخروج لقضاء الحاجة، ورآها عمر، وحيث كان حريصا على نزول آية الحجاب ناداها: عرفتك يا سودة.
فهذه التناقضات في قصة واحدة - نزول آية الحجاب موافقة لرأي عمر - مصداق بارز ودليل بين على صحة المثل المعروف الذي يقول: الكذاب كثير النسيان ولا حافظة للكذاب.
2 - أحاديث أخرى تفند صحة هذا الحديث:
أخرجت في كتب أهل السنة ومصادرهم أحاديث أخرى رويت بشأن نزول آية الحجاب تنكر وتفند نسبة نزول الحجاب تأييدا لقول عمر وتثبت كون الحديث العمري مزورا وموضوعا.
ونكتفي هنا بذكر حديث واحد اتفق عليه البخاري ومسلم ونقلا ذلك عن أنس:
عن أبي مجلز، عن أنس قال: لما تزوج رسول الله (صلى الله عليه وآله) زينب ابنة جحش، دعا القوم فطعموا ثم جلسوا يتحدثون فإذا هو كأنه يتهيأ للقيام، فلم يقوموا. فلما رأوه يقوم، قام من قام من القوم، وقعد بقية القوم، وأن النبي جاء ليدخل فإذا القوم جلوس، ثم إنهم قاموا، فانطلقوا فأخبرت النبي (صلى الله عليه وآله) فجاء حتى دخل، فذهبت أدخل، فألقى الحجاب بيني وبينه وأنزل الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا.... وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن