بالنسبة لي هي من أسعد أيام عمري وأهمها وأثمنها، بحيث لا يمكن مقايستها بسنوات العمر.
وفي تلك الأيام الخالدة والتي لا أنساها أبدا لازمت مجلس ذلك البحر الزاخر ومثال العلم والورع فلم أفارقه، وكم من مرة انفردت بمجالسته وحدي لساعات عديدة، ولم يكن في المجلس سوانا، وكنا نتحدث معا حول مواضيع مختلفة فاقتطفت من بستان علمه وفضائله أزهارا، وشربت من نبع فقهه وخلقه أنهارا.
آه.... ما أحلى تلك الأيام المباركة؟ وما أسعد تلك الساعات الفياضة؟
ومن خلال مجالستي معه، قدمت له تلك المذكرات التي كتبتها قبل أشهر، فكانت هذه الوريقات قد أدخلت نوعا من الفرح والسرور في قلب ذلك العلم الذي يعد بحق بطل هذه الميادين العقائدية، والمنصور دائما في الحوارات والمناظرات.
وأعتقد أن هذه الوسيلة - أي البحث العلمي - هي أفضل الوسائل التي يمكن للمضيف أن يستضيف بها ضيفه الكريم ويجلب رضاه ويسكن فؤاده وخاصة إن كان مثل العلامة الأميني (قدس سره).
وبعد أن قدمت له أطروحتي أخذ يحثني ويشوقني أكثر بعباراته الجذابة وكلماته السحرية في مواصلة هذا السبيل، ويسهل لي الطريق الذي كنت أعتقده عسيرا وصعبا، وبين لي بأن مواصلة هذا الأمر فريضة واجبة لا يمكن تجاوزها أبدا.
ولما عاد العلامة إلى طهران زرته مرة أو مرتين لعيادته، ومع أنه كان يعاني من ألم رجله معاناة شديدة لكنه لم ينس الموضوع الذي بحثناه معا، فأخذ ثانية يشوقني أكثر ويرغبني أزيد في استدامة المنهج الذي اخترته. فرحمة الله عليه وجزاه الله عن الإسلام خيرا.
ولكن بعد فترة وعلى أثر بعض الأعمال والمشاكل التي واجهتني توقفت عن العمل، ثم عدت كرة ثانية إلى تلك الأوراق وتذكرت نصائح المرحوم العلامة الأميني