لا يخفى أن مختلقي هذه الأحاديث أرادوا إثبات كفر أبوي النبي (صلى الله عليه وآله)، فدلسوا حديثا ونسبوه إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) على أنه قال: إن أبي كذلك في النار، وحيث كان الدعاء وطلب الغفران للمشركين غير جائز، فلذلك نهي الرسول (صلى الله عليه وآله) أن يدعو لأمه ويستغفر لها، لأنها توفيت على الشرك!!
أقول: الدلائل التي ذكرناها آنفا وهكذا الروايات الصحيحة والمصادر التاريخية اليقينية تثبت كون هذان الحديثان من المفتريات والموضوعات، لأن الأخبار الصحيحة تبين بأن الكثير من العرب في الجاهلية، كانوا موحدين ومؤمنين بالله الواحد، وأشهرهم في هذا الإيمان بنو هاشم - عبد المطلب وأبو طالب وعبد الله والد النبي -، حيث كانوا يعبدون الله عز وجل، ويجتنبون عبادة الأصنام، وينكرون ما كان أكثر العرب يعتقدون به (1)، وهؤلاء المؤمنون كانوا يعبدون الله عز وجل تارة على مرأى من كفار قريش، وتارة أخرى في مغارات الجبال.
والدليل على إيمان أجداد النبي (صلى الله عليه وآله) وآبائه نذكر حديثين كنموذج لا الحصر:
1 - عن الأصبغ بن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: والله ما عبد أبي ولا جدي عبد المطلب ولا هاشم ولا عبد مناف صنما قط، قيل: فما كانوا يعبدون؟ قال (عليه السلام):
كانوا يعبدون - يصلون إلى - البيت على دين إبراهيم (عليه السلام) متمسكين به (2).
2 - قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي إن عبد المطلب كان لا يستقسم بالأزلام، ولا يعبد الأصنام، ولا يأكل ما ذبح على النصب، ويقول: أنا على دين أبي إبراهيم (عليه السلام) (3).