عن الانتهاء أولا أو بأخرة إلى السبيل العقلي قطعا.
والعقل هو السالك إلى عالم القدس، والصادع (1) بالنظر في معرفة الرب والمعارف الربوبية، المدرك للكليات والطبائع المرسلة بذاته، وللجزئيات والشخصيات الجسمانية باستخدام المشاعر والحواس الجسدانية، فلا جرم إليه الخطاب وعليه الحساب وله المثوبات وعليه العقوبات، فهو القطب والمحور والشراع واللنجر، (2) فلا محالة هو أحق ما به في الكلام يبتدأ، وفي الكتاب يفتتح.
و إذ قد بلغنا بالقول مبلغ الأخذ في المطلب، وحان (3) لنا في الشرح حين الشروع في المقصود، فنقول:
إن ما نحن في سبيله الآن قواعد فحصية، وفوائد علمية، لا محيد (4) عنها لمن يتوخى (5) أن يكون في علم الحديث من المتمهرين، ويتحرى أن يعد في الاستدلال على الأحكام من سبيل الأخبار من المتبصرين. وإذ لا سبيل إلى تحصيلها إلا من سبيلي، ولا وصول إلى تحقيقها إلا من طريقي، إما بالأخذ عني، أو بالاستفادة من مصنفاتي، ومحققاتي ومقالاتي ومعلقاتي، فلا علينا لو قدمنا عضة (6) من تلك المراشح في عدة رواشح.