يجر رداءه حتى انتهى إلى الناس فقال: " أصدق هذا؟ ". قالوا: نعم، فصلى ركعة، ثم سلم، ثم سجد سجدتين، ثم سلم. (1) وكذلك أيضا رواه من رواه من أصحابنا معزيا إلى ذي اليدين وهو الخرباق، لا إلى ذي الشمالين وهو عمير بن عبد عمرو. (2) وبالجملة: ذلك هو الأصح الأصوب، سواء كان الاسمان واللقبان لرجلين - كما هو ظاهر أكثر البصراء الناقدين - أو لرجل واحد كما يدل عليه كلام بعض.
وليعلم أن حكم الميزان العقلي والبرهان الحكمي وجوب عصمة النبي (صلى الله عليه وآله) السان للسنة الإلهية عن السهو فيما يتعلق بأمور الدين وأحكام الشرع، ولذلك شريكنا السالف في رئاسة فلاسفة الإسلام قال في ثامن أولى إلهيات الشفاء:
إن من الفضلاء من يرمز برموز ويقول ألفاظا ظاهرة مستشنعة أو خطأ وله فيها غرض خفي، بل أكثر الحكماء بل الأنبياء - الذين لا يؤتون من جهة غلطا أو سهوا - هذه وتيرتهم. (3) فهذا مذهب أصحابنا، أعني أعيان الفرقة الناجية الإمامية رضوان الله عليهم.
ومسلك الصدوق - في قوله: " وكان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن (4) الوليد يقول: أول درجة في الغلو نفي السهو عن النبي " (5) - بعيد عن مسير الصحة. بل الصحيح عندي على مشرب العقل ومذهب البرهان أن أول درجة في إنكار حق النبوة إسناد السهو إلى النبي فيما هو نبي فيه. ولا مغالاة في إثبات العصمة فيما لتبليغه وتكميله البعثة؛ إذ هذه الملكة لنفس النبي إنما هي بإذن الله وعصمته وفضله ورحمته