يرسل معه أخاه هارون فشد الله عضده به وجعله نبيا معه، فأي فرج أحسن من فرج من أتى خائفا هاربا فقيرا قد آجر نفسه ثماني حج فجوزي بالنوبة والملك قال الله تعالى: (وقال الملا من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض، ويذرك وآلهتك. قال سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون (1) فهذه شدة أخرى لحقت بني إسرائيل فكشفها الله تعالى عنهم. قال الله تعالى: (وقال موسى لأخيه هارون أخلفني في قومي وأصلح (2). (وقال موسى لقومه استعينوا بالله واصبرا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين * قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعدما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعلمون (3) وقال تعالى: (وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون (4).
فأخبر تعالى عن صنعه لهم وفلقه البحر لبنى إسرائيل حتى عبروه يبسا، واغراقه فرعون لما تبعهم فكل ذلك أخبار عن محن عظيمة انجلت بمنح جليلة لا يؤدى شكر الله عليها ويجب على العاقل تأملها ليعرف كنه تفضل الله بكشف الشدائد وإغاثته بإصلاح كل فاسد لمن تمسك بطاعته، وأخلص في خشيته. وأصلح من نيته، ليسلك من هذه السبيل، فإنها إلى النجاة من المكاره أوضح طريق وأهدى دليل. وذكر سبحانه وتعالى في (والسماء ذات البروج (5) أصحاب الأخدود، وروى قوم من أهل الملل المخالفة للاسلام عن كتبهم أشياء في ذلك فذكرت اليهود: ان أصحاب الأخدود كانوا دعاة إلى الله تعالى وإن ملك بلدهم أضرم لهم نارا وطرحهم فيها فاطلع الله على صبرهم، وخلوص نياتهم في دينهم وطاعتهم له فأمر النار أن لا تحرقهم فشوهدوا فيها قعودا وهي تضرم عليهم ولا تحرقهم ونجوا منها، وجعل الله دائرة السوء على الملك فأهلكه.