عنده، لم يكله إلى سعيه وجهده، ولم يرض له باحتماله وطوقه، ولم يخله من عنياته ورفقه، وأنا بمشيئة الله تعالى جامع في هذا الكتاب، أخبارا من هذا الجنس والباب، أرجو به انشراح صدور ذوي الألباب، عندما يدهمهم من شدة ومصاب، إذ كنت قد قاسيت من ذلك في محن دفعت إليها ما يحنو بي على الممتحنين، ويحدو بي على بذل الجهد في تفريج غموم المكروبين، وكنت قد وقفت في بعض محنى على خمس أو ست أوراق جمعها أبو الحسن علي بن محمد المدايني، وسماها: " كتاب الفرج بعد الشدة والضيق " وذكر فيها أخبارا تدخل جميعها في هذا المعنى فوجدتها حسنة ولكنها لقلتها نموذج صغير، ولم يأت بها مؤتلفة، ولا سلك بها سبيل الكتب المصنفة، ولا الأبواب الواسعة المؤلفة، مع اقتداره على ذلك، ولا أعلم غرضه في التقصير، ولعله أراد أن ينهج طريق هذا الفن من الاخبار، ويسبق إلى فتح الباب فيه بذلك المقدار، وينقل جميع ما عنده فيه من الآثار.
ووقع إلى كتاب لأبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا قد سماه:
" كتاب الفرج بعد الشدة ". في نحو عشرين ورقة والغالب فيه أحاديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وأخبار عن الصحابة والتابعين رحمهم الله تعالى يدخل بعضها في معنى طلبته، ولا يخرج عن قصده وبغيته وباقيها أحاديث وأخبار في الدعاء والصبر، والأرزاق، والتوكل، والتعرض، للشدائد بذكر الموت، وما يجرى مجرى التعازي ويتسلى به عن طوارق الهموم، ونوازل الاحداث والغموم، ويستحق عليها من الثواب في الأخرى، مع التمسك بالحزم في الأولى. وهو عندي خال من ذكر فرج بعد شدة، غير مستحق أن يدخل في كتاب مقصور على هذا الفن، وضمن الكتاب نبذا قليلة من الشعر، وروى فيه شيئا يسيرا جدا مما ذكره المدايني، إلا أنه جاء به بلا اسناده له الا عن المدايني.
وقرأت أيضا كتابا للقاضي أبى لحسين عمر بن القاضي أبى عمرو محمد بن يوسف القاضي رحمهم الله في مقدار خمسين ورقة قد سماه: " كتاب الفرج بعد الشدة ". أودعه أكثر ما رواه المدايني وجمعه وأضاف إليه أخبارا أخر