بمذموم اللائمة، فإذا خلت من هذه الصفات اللئيمة، والشوائب المذمومة كانت وإن راع ظاهرها بصفات النعم أولى، وبأسباب المنح أحق وأحرى، وهي أعمال ذي الفهم الثاقب، والفكر الصائب مثله أيده الله تعالى بكامل عقله، وزائد فضله فيما يسامح به الدنيا من مرتجع هباتها، وتبدله من خدع لذاتها من علم أن أسعد أهلها منها ببلوغ الآمال أقربهم فيما خوله من التغيير والانتقال، وصفاءها مشوب بالكدر، وأمنها مروع بالحذر، لان انتهاء الشئ إلى حده ناقل له عما كان عليه إلى ضده، فتكاد المحنة بهذه القاعدة لاقترابها في الفرج يفسح الرجاء، وانتهاء الشدة فيها إلى مستجد الرخاء أن تكون أحق بأسماء النعم، وأدخل في باب المواهب والقسم، وبالحقيقة فكل وارد من الله عز وجل على العبد وإن جهل مواقع الحكمة منه، وساءه استتار عواقب الخيرة بمفارقة ما نقل عنه غير خال من مصلحة بتقديم عاجل، وادخار آجل، وهذا الوصف ما ذكر الله به القاضي إذ كان للمثوبة مفيدا، وللفرج ضامنا، وبالحظ مبشرا، وإلى المسرة مؤديا، وبأفضل ما عوده الله عائدا، وهو ينجز ذلك بمستحكم الثقة ووجاهة الدعاء والرغبة، ووسائط الصبر والمعونة. ولعله يكون إليه أقرب من ورود رقعتي إليه بقدرة تعالى ومشيئته، ولولا الخوف من الإطالة، والتعرض للاضجار والملالة، باخراج هذه الرقعة عن مذاهب الكتابة، وادخالها ذكر ما نطق به نص الكتاب من ضمان اليسر بعد العسر، وما وردت به في هذا المعنى الأمثال السائرة، والاشعار المتناقلة في جملة الرسائل وخير المصنفات لأودعتها نبذا من ذلك، لكنني آثرت أن لا أعدل بها عما افتتحتها به واستخدمتها له، مقتصرا على استغناء القاضي عن ذلك بمراشد حفظه، ووقور فضله، ومأثور نباهته ونبله، والله يبلغنا ويبلغه ما فيه نهاية الآمال، ولا يخليه في طول البقاء من موارد السعادة والاقبال إن شاء الله تعالى وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وروى عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال:
أفضل ما يعمله الممتحن انتظار الفرج، والصبر على قدر البلاء، والصبر كفيل بالنجاح، والمتوكل لا يخيب ظنه. وقال بعض الصالحين: استعمل في كل بلية