لقد ضيعت مالك. فقال: كلا إن هذه لفظة ما أشك في نفعها. قال: فلما كان بعد أيام كسر بهم المركب فلم ينج منهم أحد غير ذلك الرجل على لوح فحدث بعد ذلك قال: طرحني البحر على جزيرة فصعدت أمشى فيها فإذا بقصر منيف فدخلته فإذا فيه من كل ما يكون من الجواهر التي في البحر وغيرها وإذا بامرأة لم أرقط أحسن منها فقلت لها: من أنت، وأي شئ تعملين هاهنا؟ قالت أنا ابنة فلان بن فلان التاجر بالبصرة، وكان أبى عظيم التجارة، وكان لا يصبر عنى، فسافر بي البحر معه فانكسر مركبنا فاختطفت حتى حصلت في هذه الجزيرة، وإنه يخرج إلى شيطان من البحر فيتلاعب بي سبعة أيام من غير أن يطأني إلا أنه يلامسني ويؤذيني ويتلاعب بي وينظر إلى ثم ينزل إلى البحر سبعة أيام وهذا يوم موافاته فاتق الله في نفسك واخرج قبل موافاته وإلا أتى عليك. فما انقضى كلامها حتى رأيت ظلمة هائلة عظيمة قد أقبلت. فقالت: قد جاء والله وسيهلكك، فلما قرب منى وكاد يغشاني قرأت الآية فإذا هو قد خر كقطعة جبل إلا أنه رماد محترق. فقالت المرأة هلك والله وكفيت أمره من أنت يا هذا الفتى الذي من الله على بك؟ فقمت أنا وهي وانتخبنا ذلك الجوهر حتى حملنا كل ما فيه من نفيس وفاخر ولزمنا ساحل البحر نهارنا أجمع، فلما كان الليل رجعنا إلى القصر.
قال: وكان فيه ما يؤكل فقلت لها من أين لك هذا؟ قالت وجدته هاهنا. فلما كان بعد أيام رأينا مركبا يبين عن بعد، فلوحنا إليهم فدخلوا فحملونا وسلمنا الله عز وجل إلى البصرة. فوصفت لي منزل أهلها فأتيتهم فقالوا: من أنت؟ قلت رسول فلانة بنت فلان، فارتفعت الواغية. وقالوا يا هذا: لقد جددت علينا مصيبتنا. فقلت اخرجوا ثم أخذتهم ورجعت حتى جئت بهم إلى ابنتهم فكادوا يموتون فرحا وسألوها عن خبرها فقصته عليهم وسألتهم أن يزوجوني بها ففعلوا وجعلنا هذا الجوهر رأس مال بيني وبينها وأنا اليوم أيسر من بالبصرة وهؤلاء أولادي منها.
وذكر أبو عبد الله محمد بن عبدوس في كتاب الوزراء: ان عبد الله