قوله - فمتعناهم إلى حين (1)) ومنها قوله (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين * فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين (2) قال بعض المفسرين معنى: أن لن نقدر عليه أي نضيق عليه وهذا مثل قوله تعالى: (ومن قدر عليه رزقه (3) أي من ضيق عليه رزقه ومثل قوله تعالى: (قل) إن ربى يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين (4) وقد جاء قدر في القرآن بمعنى ضيق في مواضع كثيرة. ومن هذا قيل للفرس الضيق الخطو فرس أقدر. لأنه لا يجوز أن يهرب من الله تعالى نبي من أنبيائه، ومن ظن أن الله تعالى لا يقدر عليه أي لا يدركه، وأنه يعجز الله هربا فقد كفر. والأنبياء عليهم السلام أعلم بالله سبحانه من أن يظنوا فيه هذا الظن الذي هو كفر. وقد روى أنه من أدام قراءة (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين - إلى قوله - ننجي المؤمنين (5)) في الصلاة وغيرها في أوقات شدائده عجل الله له الفرج، وأنا أحد من واظبتها في نكبة عظيمة لحقتني يطول ذكرها عن هذا الموضع وقد كنت حبست وهددت بالقتل، ففرج الله سبحانه وتعالى عنى وأطلقت في اليوم التاسع من حين قبضت.
وموسى بن عمران عليه الصلاة والسلام فقد نطق القرآن بقصصه في غير موضع منها قوله تعالى: (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين * - إلى قوله - ولكن أكثرهم لا يعلمون (6)) فلا شدة أعظم من أن يبتلى الناس بملك يذبح أبناءهم، حتى ألقت أم موسى ابنها في البحر،