نعم ما أشرت به، وقع إليه عنى باطلاقهم. فقلت ان رأى خطى عاند ولج ولكن يغتنم أمير المؤمنين الثواب ويتساند ويحمل على نفسه ويوقع بخطه فوقع الواثق بخط مضطرب إلى ابن الزيات بإطلاقهم وإطلاق كل من في الحبس من غير استئمار ولا مراجعة وتقدم إلى إيناخ أن يمضى بالتوقيع، ولا يدعه يعمل شيئا أو يطلقهم وأن يحول بينه وبين الوصول إليه أو كتب رقعة أو اشتغال بشئ البتة إلا بعد إطلاقهم، وأنه إن لقيه في الطريق أن ينزله عن دابته ويجلسه في الطريق حتى يفرغ من ذلك. فتوجه ايناخ فلقى ابن الزيات راكبا يريد الخليفة فقال له: تنزل عن دابتك وتجلس على غاشيتك فارتاع وظن الحال به قد وقعت فنزل وجلس على غاشيته فأوصل إليه التوقيع فامتنع وقال إذا أطلقت هؤلاء فمن أين أنفق الأموال وأقيم الأتراك؟ فقال:
لابد من ذلك، فقال اركب واستأذنه. فقال لا سبيل إلى ذلك قال: فدعني أكاتبه قال ولا هذا فما برح من موضعه حتى وقع بإطلاق الناس فصار ايناخ إلينا ونحن في الجس إياس من الفرج وقد بلغنا التلف وبلغنا اشتداد علة الواثق وأرجف لابنه بالخلافة وكان صبيا فخفنا أن يتم ذلك فيجعل ابن الزيات الصبي شيخا، ويتولى التدبير فيتلفنا وقد امتنعنا لفرط الغم من الاكل. فلما دخل ايناخ الحبس لم نشك إنه قد حضر لبلية فأطلقنا وعرفنا الصورة فدعونا الله عز وجل لابن أبي دؤاد وللخليفة وانصرفنا إلى منازلنا لحظة ثم خرجنا فوقفنا لأبي عبد الله بن أبي دؤاد على الطريق ننتظر عوده من دار الخلافة إلى داره فحين رأيناه ترجلنا له ودعونا له وشكرناه، فأكبر ذلك عليه ومنعنا من الترجل فلم نمتنع فوقف حتى ركبنا وسايرنا إلى منازلنا، وأخذ يخبرنا بالخبر ونحن نشكره وهو يقتصر ما فعل ويقول: هذا أقل حقوقكم وكان الذي لقيه أنا، وأحمد بن الخصيب وقال: ستعلمان ما أعمله مستأنفا ورجع ابن أبي دؤاد إلى دار الخلافة عشيا فقال له الواثق قد تبركت برأيك يا أبا عبد الله ووجدت خفا من العلة ونشطت للاكل فأكلت وزن خمسة دراهم من الخبز بصدر دجاج. فقال له أبو عبد الله، يا أمير المؤمنين: تلك الأيدي التي كانت تدعو عليك غدوة صارت تدعو لك عشية، ويدعو لك بسببهم