منها: أن يكون العبد مع خضوعه وخشوعه وتعبده وتورعه واستكانته وتذلله وتواضعه وتقربه إلى ربه مقدسا له ممجدا مسجا معظما شاكرا لخالقه ورازقه وليستعمل التسبيح والتحميد كما استعمل التكبير والتهليل وليشغل قلبه وذهنه بذكر الله ولم يذهب به الكفر والأماني غير الله.
فان قال: فلم جعل أصل الصلاة ركعتين ركعتين ولم زيد على بعضها ركعة وعلى بعضها ركعتان ولم يزد على بعضها شئ؟ قيل لان أصل الصلاة إنما هي ركعة واحدة لان أصل العدد واحد فإذا نقصت من واحد فليست هي صلاة فعلم الله عز وجل ان العباد لا يؤدون تلك الراكعة الواحدة التي لا صلاة أقل منها بكمالها وتمامها والاقبال عليها فقرن إليها ركعة أخرى ليتم بالثانية ما نقص من الأولى ففرض الله أصل الصلاة ركعتين، ثم علم رسول الله (ص) ان العباد لا يؤدون هاتين الركعتين بتمام ما أمروا به وبكمالها فضم إلى الظهر والعصر والعشاء الآخرة ركعتين ركعتين ليكون فيها تمام الركعتين الأوليين ثم علم أن صلاة المغرب يكون شغل الناس في وقتها أكثر للانصراف إلى الافطار والاكل والوضوء والتهيئة للمبيت فزاد فيها ركعة واحدة لتكون أخف عليهم ولان تصير ركعات الصلاة في اليوم والليلة فردا ثم ترك الغداة على حالها لان الاشتغال في وقتها أكثر والمبادرة إلى الحوايج فيها أعم ولان القلوب فيها أخلى من الكفر لقلة معاملات الناس بالليل وقلة الاخذ والاعطاء فالانسان فيها أقبل على صلاته منه في غيرها من الصلوات لان الفكر أقل لعدم العمل من الليل.
فان قال: فلم جعل في الاستفتاح سبع تكبيرات؟ قيل لان الفرض منها واحد وسايرها سنة وإنما جعل ذلك لان التكبير في الصلاة الأولى التي هي الأصل كله سبع تكبيرات تكبيرة استفتاح وتكبيرة الركوع وتكبيرتي السجود وتكبيرة أيضا في الركوع وتكبيرتين للسجود فإذا كبر الانسان في أول صلاته سبع تكبيرات فقد علم اجزاء التكبير كله فإنه سهى في شئ منها أو تركها لم يدخل عليه