باب 46 - العلة التي من أجلها قال يوسف لاخوته: لا تثريب عليكم) (اليوم للوقت. ويعقوب قال لهم: سوف استغفر لكم ربى) 1 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني مولى بني هاشم قال: أخبرنا المنذر بن محمد قال:
حدثنا إسماعيل بن إبراهيم الخزاز، عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي قال: قلت جعفر ابن محمد عليه السلام أخبرني عن يعقوب " ع " لما قال له بنوه: يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين، قال سوف استغفر لكم ربى، فأخر الاستغفار لهم ويوسف عليه السلام لما قالوا له: تالله لقد آثرك الله علينا وان كنا لخاطئين. قال: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، قال: لان قلب الشاب أرق من قلب الشيخ، وكانت جناية ولد يعقوب على يوسف، وجنايتهم على يعقوب إنما كانت بجنايتهم على يوسف، فبادر يوسف إلى العفو عن حقه، وأخر يعقوب العفو لان عفوه إنما كان عن حق غيره، فاخرهم إلى السحر ليلة الجمعة.
واما العلة التي كانت من أجلها عرف يوسف إخوته ولم يعرفوه لما دخلوا عليه، فإني سمعت محمد بن عبد الله بن محمد بن طيفور يقول، في قول الله عز وجل (وجاء أخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون) ان ذلك لتركهم حرمة يوسف، وقد يمتحن الله المرء بتركه الحرمة، ألا ترى يعقوب عليه السلام حين ترك حرمة يوسف، غيبوه من عينه فامتحن من حيث ترك الحرمة بغيبته عن عينه لاعن قلبه عشرين سنة، وترك إخوة يوسف حرمته في قلوبهم حيث عادوه وأرادوا القطيعة للحسد الذي في قلوبهم فامتحنوا في قلوبهم، كأنهم يرونه ولا يعرفونه، ولم يكن لأخيه من أمه حسد مثل ما كان لاخوته، فلما دخل قال:
إني أنا أخوك على يقين فعرفه، فسلم من المحن فيه حين لم يترك حرمته وهكذا العباد.