من أنفسهم وأما النوم: فان النائم إذا غلب عليه النوم يفتح كل شئ منه واسترخى فكان أغلب الأشياء كله فيما يخرج منه، فوجب عليه الوضوء بهذه العلة.
فان قال قائل: فلم لم يؤمروا بالغسل من هذه النجاسة كما أمروا بالغسل من الجنابة، قيل لان هذا شئ دايم غير ممكن للخلق الاغتسال منه كلما يصيب ذلك (ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها) والجنابة ليست هي أمرا دايما إنما هي شهوة يصيبها إذا أراد ويمكنه تعجيلها وتأخيرها للأيام الثلاثة والأقل والأكثر وليس ذلك هكذا.
فان قال قائل: فلم أمروا بالغسل من الجنابة ولم يؤمروا بالغسل من الخلاء وهو أنجس من الجنابة وأقذر؟ قيل من أجل ان الجنابة من نفس الإنسان وهو شئ يخرج من جميع جسده والخلاء ليس هو من نفس الإنسان إنما هو غذاء يدخل من باب ويخرج من باب.
فان قال قائل: فلم صار الاستنجاء بالماء فرضا؟ قيل لأنه لا يجوز للعبد أن يقوم بين يدي الجبار وشئ من ثيابه وجسده نجس.
(قال مصنف هذا الكتاب) غلط الفضل وذلك لان الاستنجاء به ليس بفرض وإنما هو سنة رجعنا إلى كلام الفضل.
فان قال قائل: فأخبرني عن الاذان لم أمروا؟ قيل لعلل كثيرة.
منها: أن يكون تذكيرا للساهي وتنبيها للغافل وتعريفا لمن جهل الوقت واشتغل عنه وداعيا إلى عبادة الخالق مرغبا فيها مقرا له بالتوحيد مجاهرا بالايمان معلنا بالاسلام مؤذنا لمن يتساهى وإنما يقولون مؤذن لأنه المؤذن بالصلاة.
فان قيل: فلم بدء التكبير قبل التسبيح والتهليل والتحميد؟ قيل لأنه أراد أن يبدأ بذكره واسمه لان أسم الله في التكبير في أول الحرف وفي التسبيح والتحميد والتهليل أسم الله في آخر الحرف فبدأ بالحرف الذي أسم الله في أوله لا في آخره.
فان قيل: فلم جعل مثنى مثنى؟ قيل لان يكون مكررا في آذان المستمعين