فان قيل: فان يستطيع إذ ذاك فهو الأن يستطيع؟ لأنه لما دخل عليه شهر رمضان آخر وجب عليه الفداء للماضي، لأنه كان بمنزلة من وجب عليه صوم في كفارة فلم يستطعه فوجب عليه الفداء وإذا وجب عليه الفداء سقط الصوم والصوم ساقط والفداء لازم، فان أفاق فيما بينهما ولم يصمه وجب عليه الفداء لتضييعه والصوم لاستطاعته.
فان قيل: فلم جعل صوم السنة؟ قيل ليكمل به صوم الفرض.
فان قيل: فلم جعل في كل شهر ثلاثة أيام في كل عشرة يوما قيل: لان الله تعالى يقول من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها فمن صام في كل عشرة يوما واحدا فكأنما صام الدهر كله كما قال سلمان الفارسي رحمة الله عليه: صوم ثلاثة أيام في الشهر صوم الدهر كله فمن وجد شيئا غير الدهر فليصمه.
فان قيل: فلم جعل أول خميس في العشر الأول وآخر خميس في العشر الاخر وأربعاء في العشر الأوسط؟ قيل: اما الخميس فإنه قال الصادق " ع " يعرض كل خميس اعمال العباد على الله عز وجل فأحب ان يعرض عمل العبد على الله وهو صائم.
فان قيل: فلم جعل آخر خميس؟ قيل: لأنه إذا عرض عمل العبد ثلاثة أيام والعبد صايم كان أشرف وأفضل من أن يعرض عمل يومين وهو صايم، وإنما جعل الأربعاء في العشر الأوسط لان الصادق " ع " أخبرنا بان الله تعالى خلق النار في ذلك اليوم وفيه أهلك الله القرون الأولى وهو يوم نحس مستمر، فأحب ان يدفع العبد عن نفسه نحس ذلك اليوم بصومه.
فان قيل: فلم وجب في الكفارة على من لم يجد تحرير رقبة الصيام دون الحج والصلاة وغيرهما من الأنواع؟ قيل لان الصلاة والحج وساير الفرايض مانعة للانسان من التقلب في أمر دنياه ومصلحة معيشته مع تلك العلل التي ذكرناها في الحايض التي تقضى الصوم ولا تقضى الصلاة.