بغير أمام ركعتين وركعتين قيل: لعلل شتى منها: ان الناس يتخطون إلى الجمعة من بعد، فأحب الله ان يخفف عنهم لموضع التعب الذي صاروا إليه.
ومنها: ان الامام يحبسهم للخطبة وهم منتظرون للصلاة، ومن انتظر الصلاة فهو في الصلاة في حكم التمام.
ومنها: ان الصلاة مع الامام أتم وأكمل، لعلمه وفقهه وفضله وعدله.
ومنها: ان الجمعة عيد وصلاة العيد ركعتين ولم تقصر لمكان الخطبتين.
فان قال: فلم جعلت الخطبة؟ قيل لان الجمعة مشهد عام فأراد أن يكون للامام سبب إلى موعظتهم وترغيبهم في الطاعة وترهيبهم من المعصية وفعلهم وتوفيقهم على ما أرادوا من مصلحة دينهم ودنياهم ويخبرهم بما ورد عليهم من الآفات ومن الأحوال التي لهم فيها المضرة والمنفعة، ولا يكون الصائر في الصلاة منفصلا وليس بفاعل غيره ممن يؤم الناس في غير يوم الجمعة.
فان قال: فلم جعلت خطبتان؟ قيل: لان تكون واحدة للثناء والتمجيد والتقديس لله عز وجل، والأخرى للحوايج والاعذار والانذار والدعاء ولما يريد أن يعلمهم من أمره ونهيه ما فيه الصلاح والفساد.
فان قيل: فلم جعلت الخطبة في يوم الجمعة في أول الصلاة وجعلت في العيدين بعد الصلاة؟ قيل: لان الجمعة أمر دايم وتكون في الشهر مرارا وفي السنة كثيرا وإذا كثر ذلك على الناس ملوا وتركوا ولم يقيموا عليه وتفرقوا عنه فجعلت قبل الصلاة ليحتبسوا على الصلاة ولا يتفرقوا ولا يذهبوا وأما العيدين فإنما هو في السنة مرتين وهو أعظم من الجمعة والزحام فيه أكثر والناس فيه أرغب فان تفرق بعض الناس بقي عامتهم وليس هو بكثير فيملوا ويسخفوا به.
قال مصنف هذا الكتاب: جاء هذا الخبر هكذا والخطبتان في الجمعة والعيدين من بعد الصلاة لأنهما بمنزلة الركعتين الأخروين وان أول من قدم