الخطبتين عثمان لأنه أحدث ما أحدث لم يكن الناس ليقفوا على خطبته ويقولون ما نصنع بمواعظه، وقد أحدث ما أحدث فقدم الخطبتين لتقف الناس انتظار الصلاة.
فان قال فلم وجبت الجمعة على من يكون على فرسخين لا أكثر من ذلك؟
قيل لان ما يقصر فيه الصلاة بريد ان ذاهبا أو بريد ذاهبا وجايئا، والبريد أربعة فراسخ، فوجبت الجمعة على من هو على نصف البريد الذي يجب فيه التقصير وذلك أنه يجئ فرسخين ويذهب فرسخين فذلك أربعة فراسخ وهو نصف طريق المسافر.
فان قال: فلم زيد في صلاة السنة يوم الجمعة أربعة ركعات قيل تعظيما لذلك اليوم وتفرقه بينه وبين سائر الأيام.
فان قيل فلم قصرت الصلاة في السفر؟ قيل لان الصلاة المفروضة أولا إنما هي عشر ركعات والسبع إنما زيدت فيها بعد، فخفف الله عز وجل تلك الزيادة لموضع سفره وتعبه ونصبه واشتغاله بأمر نفسه وظعنه وإقامته، لئلا يشتغل عما لابد له من معيشته رحمة من الله وتعطفا عليه، إلا صلاة المغرب فإنها لم تقصر لأنها صلاة مقصورة في الأصل.
فان قال: فلم وجب التقصير في فراسخ لا أقل من ذلك ولا أكثر؟ قيل : لان ثمانية فراسخ مسيرة يوم للعامة والقوافل والأثقال، فوجب التقصير في مسيرة يوم.
فان قال: فلم وجب التقصير في مسيرة يوم؟ قيل: لأنه لو لم يجب في مسيرة يوم لما وجب في مسيرة الف سنة، وذلك أن كل يوم يكون بعد هذا اليوم فإنما هو نظير هذا اليوم، فلو لم يجب في هذا اليوم لما وجب في نظيره إذا كان نظيره مثله ولا فرق بينهما.
فان قال: قد يختلف المسير، وذلك أن سير البقر إنما هو أربعة فراسخ وسير الفرس عشرين فرسخا، فلم جعلت أنت مسيرة يوم ثمانية فراسخ؟ قيل لان ثمانية