ترك الرفع استحبابا وبه قال مالك والثوري وأبو حنيفة وقال الشيخ في كتابي التهذيب والاستبصار باستحباب الرفع في الجميع وبه قال الشافعي والأوزاعي وعطا وإسحاق والزهري وأحمد وهو الأقوى عندي. لنا: ما رواه الجمهور عن ابن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يرفع يديه في كل تكبيرة وان بن عمر وأنس كانا يفعلان لك والظاهر أنه كان توقيعا من الرسول صلى الله عليه وآله ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن الغرري عن أبي عبد الله عليه السلام قال صليت خلف أبي عبد الله عليه السلام على جنازة فكبر خمسا يرفع يديه في كل تكبيرة وعن يونس قال سألت الرضا عليه السلام عن ذلك فقال ارفع يدك في كل تكبيرة وعن محمد بن عبد الله بن خالد مولى بني الصيد أنه صلى خلف جعفر بن محمد عليهما السلام على جنازة فرآه يرفع يديه في كل تكبيرة ولان الرفع في الأولى دليل الرجحان فشرع في الباقي تحصيلا للأرجحية ولأنها تكبيرة تقع في حال الاستقرار فاستحب فيها الرفع كالأولى احتج الأصحاب بما رواه غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام عن علي عليه السلام أنه كان لا يرفع يده في الجنازة إلا مرة واحدة يعني في التكبير ونحوه رواه عن إسماعيل بن إسحاق بن أبان الوراق عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام واحتج أبو حنيفة بأن كل تكبيرة قائمة مقام ركعة ولا يرفع الأيدي في جميع الركعات والجواب عن الحديثين الأولين: أنهما مرجوحان لان أحاديثنا مثبتة فتكون أولى لاشتمالها على زيادة يمكن غفلة الراوي عنها ولان الرفع مستحب فجاز تركه في بعض الأوقات لئلا يوهم المداومة عليه الوجوب وعن قياس أبي حنيفة بمنع الحكم في الأصل وبقيام الفرق. فرع: إذا كبر ووضع يديه لم يستحب له وضع اليمنى على الشمال خلافا للجمهور. لنا: ان ذلك مبطل في الفرائض فلا يكون مشروعا هنا ولو فعل ذلك معتقدا للمشروعية كان مبدعا ولا تبطل صلاته. * مسألة: ويستحب أن يصلي بطهارة وليست شرطا ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال الشعبي و محمد بن جرير الطبري وقال الشافعي هي شرط وإليه ذهب أكثر الجمهور. لنا: أنها دعاء للميت وشفاعة فيه فلا يشترط فيه الطهارة كغيرها من الأدعية ويؤيده ما رواه الشيخ عن يونس بن يعقوب في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الجنازة أصلي عليها على غير وضوء فقال:
نعم إنما هو تكبير وتسبيح وتحميد وتهليل كما تكبر وتسبح في بيتك على غير وضوء احتج المخالف بقوله عليه السلام لا صلاة إلا بطهور ولأنها صلاة فأشبهت بقية الصلوات. والجواب عن الأول: ان الاطلاق ينصرف إلى الحقيقة وصلاة الجنازة تسمى صلاة بالمجاز الشرعي، وعن الثاني:
بالفرق لان الصلاة هناك أكمل لاشتمالها على أذكار معينة وركوع وسجود بخلاف صورة النزاع. فروع: [الأول] الطهارة وإن لم تكن شرطا هي مستحبة لأنه ذكر ودعاء وشفاعة فاستحب في فاعله أن يكون على أبلغ أحواله وأكملها ويؤيده ما رواه الشيخ عن عبد الحميد بن سعد قال قلت لأبي الحسن عليه السلام الجنازة يخرج بها ولست على وضوء فإن ذهبت أتوضأ فاتتني الصلاة أتجيزني أصلي عليها وأنا على غير وضوء فقال تكون على طهر أحب إلي. [الثاني] يجوز للحائض والجنب أن يصليا على الجنائز لأنها دعاء لا يشترط فيها الطهارة فاستوى فيه المكلفون كغيره من الأدعية ويؤيده ما رواه الشيخ عن عبد الله بن المغيرة عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الحائض تصلي على الجنازة؟ فقال: نعم، ولا تقف معهم والجنب يصلي على الجنازة وعن حريز عمن أخبره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الطامث تصلي على الجنازة لأنه ليس فيها ركوع ولا سجود والجنب يتيمم ويصلي على الجنازة. [الثالث] يستحب للحائض إذا صلت انفردت عن المصلين لأنها غير مكلف بالصلاة المكتوبة ففارقت غيرها حكما فاستحب لها المفارقة صورة ويؤيده حديث ابن المغيرة وما رواه الشيخ في الحسن عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحائض تصلي على الجنازة؟ قال: نعم ولا تقف معهم. [الرابع] يستحب لغير المطهر أن يتيمم وإن كان واجدا للماء ذهب علماؤنا إليه وبه قال أبو حنيفة خلافا للشافعي. لنا: أنه بدل في حال الضرورة عن الطهارة الواجبة فكان بدلا مع الاختيار عن المستحبة ويؤيده ما رواه الشيخ عن سماعة قال سألته عن رجل مرت به جنازة وهو على غير طهر كيف يصنع قال كيف يصنع يضرب يديه على حائط لبن فيتيمم. [الخامس] يستحب للجنب والحائض أن يتيممان لاستحباب الطهارة هنا ويعذرها من الحائض فانتقلت إلى البدل ولأنها غير شرط فاكتفى بأضعف الطهارتين وإن لم يكن رافعا كالمحدث ويؤيده ما رواه سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام عن المرأة الطامث إذا حضرت الجنازة فقال تيمم وتصلي عليها وتقوم وحدها بارزة عن الصف وفي حديث حريز والجنب يتيمم ويصلي على الجنازة. [السادس] لو صلى من غير طهارة صحت صلاته وصلاة المأمومين إن كان الامام محدثا لأنها غير مشروطة بالطهارة على ما تقدم والشافعي لما اشترط الطهارة أبطل الصلاة هنا. * مسألة: ويستحب التحفي في صلاة الجنائز روى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله قال من اغبرت قدماه في سبيل الله حرم الله على النار ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن سيف بن عميرة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يصلي على الجنائز بحذاء ولا بأس بالخف ولأنه موضع اتعاظ فكان التذلل فيه أنسب بالخشوع. * مسألة: ولو أدرك بعض التكبيرات مع الامام وفاته البعض دخل مع الناس في الصلاة عليه بلا خلاف بين العلماء في ذلك روى الجمهور عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال ما سمعت وكبرى وهو يتناول صورة النزاع ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن عيص بن القاسم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يدرك من الصلاة على الميت تكبيرة قال يتم ما بقي ولأنها صلاة فرض فاستحب الدخول مع الجماعة