عن معارضة الوجوب لاستحالة تكليف الغافل أولا. [الثالث] لو احترق القرص وجب القضاء على كل حال سواء فاتت عمدا أو سهوا أو جهلا لوقوعها أو وجوبها ذهب إليه أكثر علمائنا خلافا للجمهور. لنا: ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله من فاتته صلاة فليقضها إذا ذكرها ومن طريق الخاصة ما تقدم من الروايات الدالة على الوجوب مع احتراق القرص كله ولان القول بوجوب الأداء مع القول بعدم القضاء على هذه الصفة مما لا يجتمعان إجماعا والأول ثابت والثاني: منتف قطعا احتجوا بقوله إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله والصلاة حتى ينجلي وحتى للغاية فلا يجب بعدها ولان المطلوب منها؟ رد؟ النور فمعه لا فائدة في الصلاة. والجواب عن الأول: بأن ما ذكروه غاية للأداء وذلك لا يستلزم عدم القضاء وعن الثاني:
بالمنع من كونه غاية ولو سلم فطلب رده لا يستلزم عدم الشكر بالصلاة على ابتداء ردة وما ورد من الأحاديث الدالة على وجوب القضاء مطلقا فمحمولة على ما ذكرناه في التفصيل. [الرابع] لو سترت الشمس أو القمر بالسحاب وهما منكسفان صلى عملا بالأصل الدال على الاستمرار ولو غابت الشمس كاسفة أو طلعت على القمر المنخسف صلى أيضا عملا بالعموم وقال الجمهور لا يصلي لأنه ذهب وقت الانتفاع بنورهما ولأنه فات وقتها فلا يطلب عود نورها لاستحالته وهو مبني على التعليل ولو غاب القمر ليلا في حال انخسافه صلى أيضا وهو مذهب الشافعي خلافا لبعض الجمهور عملا بالعموم لان وقته باق وسلطانه لم يزل وجميع الليل وقت له ويدعو الحاجة فيه فكان كاستتار الشمس بالسحاب وقال بعضهم لا يصلي لان ما يصلى له قد غاب فأشبه غيبوبة الشمس المنكسفة ولو طلع الفجر على القمر المنخسف صلى أيضا عندنا للعموم وبه قال الشافعي في الجديد وقال في القديم الأصل لأنه بطلوع الفجر قد زال وقته وسلطانه لأنه من النهار فأشبه ما لو طلعت الشمس ولو ابتداء خسوفه وقت طلوع الفجر صلى عندنا للعموم وهو قول الشافعي في الجديد وقال في القديم لا يصلي لان استدامة أقول من الابتداء وقد قلنا أنه لا يصلي هنا. * مسألة: وتجب هذه الصلاة على النساء والرجال والخناثى والمسافر والحاضر والعبد والحر ولا يشترط إذن الإمام ولا المصر روت أسماء بنت أبي بكر قال فرغ رسول الله صلى الله عليه وآله يوم كسفت الشمس فقام قياما فرأيت المرأة التي هي أكبر مني والمرأة التي هي أصغر مني قائمة فقلت أنا أحرى بالصبر على طول القيام ويجوز لهن أن يصلين جماعة وفرادى وترك حضورهم جماعة الرجال أولى سواء كن عجائز أو ذات هيئة. * مسألة: يستحب للحائض أن تجلس مصلاها تذكر الله تعالى بعد الوضوء بقدر زمان الكسوف وكذا النفساء. * مسألة: ولو فرغ من الصلاة ولم ينجل الكسوف أعاد الصلاة استحبابا ذهب إليه أكثر علمائنا وقال آخرون منا يعاد وجوبا وقال ابن إدريس لا يعاد وجوبا ولا استحبابا بل يستحب الدعاء وذكر الله تعالى إلى أن ينجلي و هو مذهب الجمهور. لنا: على عدم الوجوب الأصل وما رواه الشيخ عن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام وإن أحببت أن تصلي فتفرغ من صلاتك قبل أن يذهب الكسوف فهو جائز وما رواه في الصحيح عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام فإن فرغت قبل أن ينجلي فاقعدوا وادعوا الله حتى ينجلي ولان الامر لا يدل على التكرار ويدل على الاجزاء. لنا: على الاستحباب ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال قال أبا عبد الله عليه السلام صلاة الكسوف إذا فرغ قبل أن ينجلي فأعد وهذا أمر لا يمكن حمله على الوجوب للروايتين المتقدمين فتحمل على الاستحباب ولان المقتضي لمشروعية الصلاة وهو الحذر موجود فيكون مشروعا احتج القائلون بالوجوب برواية ابن عمار والجواب: قدمنا الوجه فيها احتج ابن إدريس بعدم الدليل على الاستحباب والوجوب والجواب قد بينا دليل الاستحباب. * مسألة: ولا يستحب فيها الخطبة ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي يخطب كخطبتي الجمعة ولم يفعل على أحد شئ. لنا: الأصل عدم التكليف ولأنها صلاة يفعلها المنفرد في بيته فلم يشرع لها خطبة كالخمس احتج الشافعي بما روته عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله أنصرف وقد انجلت الشمس فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروه وصلوا وتصدقوا ثم قال يا أمة محمد والله يا أمة محمد ما أحد غير من الله أن يؤتي عبده أو يؤتي أمته يا أمة محمد لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا والجواب: هذا الحديث غير دال على المطلوب فإنه عليه السلام أمرهم بالصلاة والدعاء والتكبير و الصدقة ولم يأمرهم بالخطبة ولو كانت مشروعة أمرهم وإنما خطب لفعلهم وجوب الصلاة وليس ذلك خطبة. * مسألة: لو أتفق الكسوف في وقت صلاة فريضة فالذي ينبغي تحصيله أن الوقتين إن اتسعا تخير في أيهما شاء فبدأ بها ثم صلى الأخرى وإن ضاق وقت إحديهما تعينت فصلى الأخرى ولو تعينه فاصلي الحاضرة لكن الشيخ قد اختار لنفسه في النهاية مذهبا عجبا وهو البدء بالحاضرة مطلقا قال ولو دخل بالكسوف ثم دخلت الحاضرة قطع وصلى الحاضرة ثم عاد فأتم الكسوف واختار السيد المرتضى في المصباح. لنا:
أنهما فرضان اجتمعا ولا أولوية والجمع محال وتعين أحدهما للوجوب ينافي وجوب الآخر فوجب القول بالتخيير وما رواه ابن بابويه في الصحيح عن محمد بن مسلم ويزيد بن معاوية عن أبي جعفر عليه السلام وأبي عبد الله عليه السلام قال: إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات فصليهما ما لم تتخوف أن يذهب وقت الفريضة. فروع: [الأول] لو دخل في الكسوف وخاف فوت الحاضرة قطعها إجماعا فصلى الحاضرة ثم عاد إليها قال علماؤنا ثم يتم الكسوف لما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن صلاة الكسوف قبل أن تغيب الشمس ويخشى فوت الفريضة فقال اقطعوها وصلوا الفريضة وعودوا إلى صلاتكم وما رواه في الصحيح عن محمد بن مسلم قال قلت لأبي