الكلب ولم يعتبر التغير، وعنه لا ينجس إلا بالتغير، اختاره ابن عقيل، وابن المنجا، والشيخ تقي الدين، وفاقا لمالك، لحديث بئر بضاعة صححه أحمد وحسنه الترمذي.
ويعضده حديث أبي أمامة مرفوعا: الماء لا ينجسه شئ إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه رواه ابن ماجة والدارقطني، وجوابه حمل المطلق على المقيد، فينجس القليل بمجرد الملاقاة (ولو كانت النجاسة لا يدركها الطرف) أي البصر كالتي بأرجل الذباب خلافا لعيون المسائل، وسواء (مضى زمن تسري فيه) النجاسة (أم لا) لأن النجاسة بالملاقاة لا بالاستهلاك (وما انتضح من) ماء (قليل لسقوطها) أي النجاسة (فيه نجس) لأنه بعض المتصل بالنجاسة. وعلم منه أن ما انتضح من كثير طهور (والماء الجاري كالراكد) خلافا لأبي حنيفة (إن بلغ مجموعه) أي الجاري (قلتين دفع النجاسة إن لم تغيره) وإن لم يبلغ قلتين تنجس مجموعه بمجرد الملاقاة، لعموم ما سبق (فلا اعتبار بالجرية) وهي ما أحاط بالنجاسة فوقها وتحتها ويمنة ويسرة. وقال الموفق: وما انتشرت إليه عادة أمامها ووراءها، وعنه كل جرية من جار كمنفرد. فمتى امتدت نجاسة بجار فكل جرية نجاسة مفردة. فيفضي إلى تنجيس نهر كبير بنجاسة قليلة لا كثيرة لقلة ما يحاذي القليلة. إذ لو فرضنا كلبا في جانب نهر وشعرة منه في جانبه الآخر لكان ما يحاذيها لا يبلغ قلتين لقلته فينجس، وما يحاذي الكلب يبلغ قلالا فلا ينجس. وهذا ظاهر الفساد، والتفريع على الأول (فلو غمس الاناء) المتنجس (في ماء جار فهي غسلة واحدة ولو مر عليه جريات) كما لو حركه في الماء الكثير الراكد (وكذلك لو كان) المتنجس (ثوبا ونحوه) مما يتشرب النجاسة (وعصره عقب كل جرية) كما لو عصره في الماء الراكد فغسلة يبنى عليها (ولو انغمس فيه)