بالاجتهاد ويعفى عن الانحراف قليلا) يمنة أو يسرة (لمن بعد عنها) أي عن الكعبة (وهو) أي البعيد عنها (من لم يقدر على المعاينة) للكعبة (ولا على من يخبره عن علم) لما روى أبو هريرة أن النبي (ص) قال: ما بين المشرق والمغرب قبلة رواه ابن ماجة، والترمذي وصححه. ولان الاجماع انعقد على صحة صلاة الاثنين المتباعدين يستقبلان قبلة واحدة، وعلى صحة صلاة الصف الطويل على خط مستو. لا يقال: مع البعد يتسع المحاذي. لأنه إنما يتسع مع التقوس لا مع عدمه (سوى المشاهد لمسجد النبي (ص) والقريب منه، ففرضه إصابة العين) لأن قبلته متيقنة لأنه (ص) لا يقر على الخطأ. وقد روى أسامة بن زيد أن النبي (ص) ركع ركعتين قبل القبلة. وقال: هذه القبلة قال الناظم: وكذا مسجد الكوفة لاتفاق الصحابة عليه، لكن قال في الشرح: في قول الأصحاب نظر. لأن صلاة الصف المستطيل في مسجد النبي (ص) صحيحة مع خروج بعضهم عن استقبال عين الكعبة. لكون الصف أطول منها. وقولهم: إنه (ص) لا يقر على الخطأ: صحيح. لكن إنما الواجب عليه استقبال الجهة. وقد فعله، وهذا الجواب عن الحديث المذكور اه. وأجاب ابن قندس، بأن استقبال الجهة إنما يجب عند تعذر إصابة العين. وهو (ص) متمكن من ذلك بالوحي، بل ذكر القاضي عياض في الباب الثاني من الشفاء: أنه رفعت له الكعبة حين بنى مسجده (ص).
قلت: لكن النظر الذي أورده الشارح باق، إلا أن يقال: مراد الأصحاب من إلحاقهم إياه بمن بمكة: أنه يضر انحرافه يمنة ويسرة عن محرابه (ص) بخلاف غيره ممن بعد فلا يضر انحرافه (والبعيد منه) أي من مسجد النبي (ص) يعني ومن مكة: يجتهد (إلى الجهة) لتعذر إصابة العين بالاجتهاد، فتقوم الجهة مقامها للضرورة (فإن أمكنه ذلك) أي معرفة ما هو مأمور بالتوجه إليه من عين، أو جهة (بخبر) مسلم (ثقة مكلف عدل ظاهرا وباطنا) حرا كان أو عبدا، رجلا أو امرأة، (عن يقين) مثل أن يخبره أن الشمس تطلع أو تغرب من جهة عينها، فيعلم أن الجهة بينها وبين مقابلتها مثلا، أو يخبره أن النجم الذي تجاهه الجدي. فيعلم