فلا فائدة في الحبس، وان كذبه غريمه فلا يخلو إما أن يكون عرف له مال أو لم يعرف فإن عرف له مال لكون الدين ثبت عن معاوضة كالقرض والبيع أو عرف له أصل مال سوى هذا فالقول قول غريمه مع يمينه فإذا حلف انه ذو مال حبس حتى تشهد البينة باعساره. قال ابن المنذر أكثر من نحفظ عنه من علماء الأمصار وقضاتهم يرون الحبس في الدين منهم مالك والشافعي وأبو عبيد والنعمان وسوار وعبيد الله ابن الحسن، وروي عن شريح والشعبي وكان عمر بن عبد العزيز يقول يقسم ماله بين الغرماء ولا يحبس، وبه قال عبد الله بن جعفر والليث بن سعد، ولنا ان الظاهر قول الغريم فكان القول قوله كسائر الدعاوى فإن شهدت البينة بتلف ماله قبلت شهادتهم سواء كانت من أهل الخبرة الباطنة أو لم تكن لأن التلف يطلع عليه أهل الخبرة وغيرهم وان طلب الغريم احلافه على ذلك لم يجب إليه لأن ذلك تكذيب للبينة وان شهدت مع ذلك بالاعسار اكتفي بشهادتها وثبتت عسرته، وان لم تشهد بعسرته وإنما شهدت بالتلف لا غير وطلب الغريم يمينه على عسره وأنه ليس له مال آخر استحلف على ذلك لأنه غير ما شهدت به البينة، وان لم تشهد بالتلف وإنما شهدت بالاعسار لم تقبل الشهادة الا من ذي خبرة باطنة ومعرفة متقادمة لأن هذا من الأمور الباطنة لا يطلع عليه في الغالب الا أهل الخبرة والمخالطة وهذا مذهب الشافعي، وحكي عن مالك أنه قال لا تسمع البينة على الاعسار لأنها شهادة على النفي فلم تسمع كالشهادة على أنه لا دين عليه ولنا ما روى قبيصة بن المخارق ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له " يا قبيصة ان المسألة لا تحل الا لاحد ثلاثة رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ورجل اصابته جائحة فاجتاحت
(٥٠٣)