قابضا لنفسه من نفسه. ولنا أنه يجوز أن يشتري لنفسه من مال ولده ويقبض لنفسه من نفسه، وكذلك لو وهب لولده الصغير شيئا جاز أن يقبل له من نفسه ويقبض منها فكذا ههنا (فصل) وان اشترى اثنان طعاما فقبضاه ثم باع أحدهما للآخر نصيبه قبل أن يقتسماه احتمل أن لا يجوز ذلك وهو قول الحسن وابن سيرين كرها ان يبيع الرجل من شريكه شيئا مما يكال أو يوزن قبل أن يقتسماه لأنه لم يقبض نصيبه منفردا فأشبه غير المقبوض، ويحتمل الجواز لأنه مقبوض لهما يجوز بيعه لأجنبي فجاز بيعه لشريكه كسائر الأموال فإن تقاسماه وتفرقا ثم باع أحدهما نصيبه بذلك الكيل الذي كاله لم يجز كما لو اشترى من رجل طعاما فاكتاله وتفرقا ثم باعه إياه بذلك الكيل، وان لم يتفرقا خرج على الروايتين اللتين تقدمتا {مسألة} قال (والشركة فيه والتولية والحوالة به كالبيع) وجملته ان ما يحتاج إلى القبض لا تجوز الشركة فيه ولا توليته ولا الحوالة به قبل قبضه وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي وقال مالك يجوز هذا كله في الطعام قبل قبضه لأنها تختص بمثل الثمن الأول فجازت قبل القبض كالإقالة. ولنا أن هذه أنواع بيع فتدخل في عموم النهي عن بيع الطعام قبل أن يستوفيه فإن الشركة بيع بعض المبيع بقسطه من ثمنه، والتولية بيع جميعه بمثل ثمنه ولأنه تمليك لغير من هو في ذمته فأشبه البيع وفارق الإقالة فإنها فسخ للبيع فأشبهت الرد بالعيب وكذلك لا تصح هبته ولا رهنه ولا دفعه أجرة ولا ما أشبه ذلك من التصرفات المفتقرة إلى القبض لأنه غير مقبوض فلا سبيل إلى اقباضه (فصل) وأما التولية والشركة فيما يجوز بيعه فجائز ان لأنهما نوعان من أنواع البيع، وإنما اختصا بأسماء كما اختص بيع المرابحة والمواضعة بأسماء. فإذا اشترى شيئا فقال له رجل أشركني في نصفه بنصف الثمن فقال أشركتك صح وصار مشتركا بينهما، وان قال ولني ما اشتريته بالثمن فقال وليتك صح إذا كان الثمن معلوما لهما فإن جهله أحدهما لم يصح كما لو باعه بالرقم، ولو قال أشركني فيه أو قال الشركة فيه فقال أشركتك أو قال ولني ما اشتريت ولم يذكر الثمن صح إذا كان الثمن معلوما لأن الشركة تقتضي ابتياع جزء منه بقسطه من الثمن والتولية ابتياعه بمثل الثمن فإذا أطلق اسمه انصرف إليه كما لو قال أقلني فقال أقلتك، وفي حديث عن زهرة بن معبد أنه كان يخرج به عبد الله بن هشام إلى السوق فيشتري الطعام فيتلقاه ابن عمر وابن الزبير فيقولان له أشركنا فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لك بالبركة فيشركهم فربما أصاب الراحلة كما هي فيبعث بها إلى المنزل ذكره البخاري، ولو اشترى شيئا فقال له رجل أشركني فأشركه انصرف إلى نصف لأنها باطلاقها تقتضي التسوية، فإن اشترى اثنان عبدا فاشتركا فيه فقال لهما رجل أشركاني فيه فقالا أشركناك احتمل أن يكون له النصف لأن اشراكهما لو كان من كل واحد منهما منفردا كان له النصف فكذلك حال الاجتماع، ويحتمل أن يكون له الثلث لأن الاشتراك يفيد التساوي ولا يحصل التساوي الا بجعله بينهم أثلاثا وهذا أصح لأن اشتراك الواحد إنما اقتضى
(٢٢٣)