أن لا يفعل فقال النبي صلى الله عليه وسلم " تألى فلان أن لا يفعل خيرا " متفق عليه ولو كان واجبا لأجبره عليه لأن التخلية يتعلق بها جواز التصرف فتعلق بها الضمان كالنقل والتحويل ولأنه لا يضمنه إذا أتلفه آدمي كذلك لا يضمنه باتلاف غيره.
ولنا ما روي مسلم في صحيحه عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح، وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ان بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا لم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ " رواه مسلم وأبو داود ولفظه " من باع ثمرا فأصابته جائحة فلا يأخذ من مال أخيه شيئا، على م يأخذ أحدكم مال أخيه المسلم؟ " وهذا صريح في الحكم فلا يعدل عنه قال الشافعي لم يثبت عندي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح ولو ثبت لم أعده ولو كنت قائلا بوضعها لوضعتها في القليل والكثير (قلنا) الحديث ثابت رواه الأئمة منهم الإمام أحمد ويحى بن معين وعلي بن حرب وغيرهم عن ابن عيينة عن حميد الأعرج عن سليمان بن عتيق عن جابر ورواه ملسم في صحيحه وأبو داود في سننه وابن ماجة وغيرهم ولا حجة لهم في حديثهم فإن فعل الواجب خير فإذا تألى أن لا يفعل الواجب فقد تألى ألا يفعل خيرا فأما الاجبار فلا يفعله النبي صلى الله عليه وسلم بمجرد قول المدعي من غير اقرار من البائع ولا حضور ولان التخلية ليست بقبض تام بدليل ما لو تلفت بعطش عند بعضهم، لا يلزم من إباحة التصرف تمام القبض بدليل المنافع في الإجارة يباح التصرف فيها لو تلفت كانت من ضمان المؤجر كذلك الثمرة فإنها في شجرها كالمنافع قبل استيفائها توجد حالا فحالا وقياسهم يبطل بالتخلية في الإجارة (الفصل الثاني) أن الجائحة كل آفة لاصنع للآدمي فيها كالريح والبرد والجراد والعطش لما روى الساجي باسناده عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في الجائحة والجائحة تكون في البرد والجراد وفي الحبق والسيل وفي الريح وهذا تفسير من الراوي لكلام النبي صلى الله عليه وسلم فيجب الرجوع إليه، وأما ما كان بفعل آدمي فقال القاضي المشتري بالخيار بين فسخ العقد ومطالبة البائع بالثمن وبين البقاء عليه ومطالبة الجاني بالقيمة لأنه أمكن الرجوع ببدله بخلاف التالف بالجائحة (الفصل الثالث) أن ظاهر المذهب أنه لافرق بين قليل الجائحة وكثيرها الا أن ما جرت العادة بتلف مثله كالشئ اليسير الذي لا ينضبط فلا يلتفت إليه. قال أحمد اني لا أقول في عشر ثمرات ولا عشرين ثمرة ولا أدري ما الثلث ولكن إذا كانت جائحة تعرف الثلث أو الربع أو الخمس توضع.
وفيه رواية أخرى أن ما كان يعد دون الثلث فهو من ضمان المشتري وهو مذهب مالك والشافعي في القديم لأنه لا بد أن يأكل الطير منها وتنثر الريح ويسقط منها فلم يكن بد من ضابط وحد فاصل بين ذلك وبين الجائحة، والثلث قد رأينا الشرع اعتبره في مواضع منها الوصية وعطايا المريض، وتساوي جراح المرأة جراح الرجل إلى الثلث. قال الأثرم قال أحمد انهم يستعملون الثلث في سبع عشرة مسألة ولان الثلث في حد الكثرة وما دونه في حد القلة بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم في الوصية " الثلث والثلث كثير " فيدل هذا على أنه آخر حد الكثرة فلهذا قدر به، ووجه الأول عموم الأحاديث