وفيه جبر قلبه وتطييبه والحاقه بمن له أب فينزل منزلة الثياب الحسنة وشراء اللحم سيما مع استحباب التوسعة في هذا اليوم وجري العادة بها بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم " إنها أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل " رواه مسلم ومتى كان خلط مال اليتيم أرفق به وألين في الخبز وأمكن في حصول الادم فهو أولى وإن كان افراده أرفق به أفرده لقول الله تعالى (ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وان تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم ان الله عزيز حكيم) أي ضيق عليكم وشدد من قولهم أعنت فلان فلانا إذا ضيق عليه وشدد وعنتت الرجل إذا ضلعت، ويجوز للوصي ترك الصبي في المكتب بغير إذن الحاكم وحكي لأحمد قول سفيان لا يسلم الوصي الصبي الا بإذن الحاكم فأنكر ذلك وذلك لأن المكتب من مصالحه فجرى مجرى نفقته لمأكوله ومشروبه وملبوسه وكذلك يجوز له اسلامه في صناعة إذا كانت مصلحته في ذلك لما ذكرناه (فصل) وإذا كان الولي موسرا فلا يأكل من مال اليتيم شيئا إذا لم يكن أبا لقوله تعالى (ومن كان غنيا فليستعفف) وإن كان فقيرا فله أقل الأمرين من أجرته أو قدر كفايته لأنه يستحقه بالعمل والحاجة جميعا فلم يجز أن يأخذ الا ما وجدا فيه فإذا اكل منه ذلك القدر ثم أيسر فإن كان أبا لم يلزمه عوضه رواية واحدة لأن للأب ان يأخذ من مال ولده ما شاء مع الحاجة وعدمها وإن كان غير الأب فهل يلزمه عوض ذلك؟ على روايتين (إحداهما) لا يلزمه وهو قول الحسن والنخعي وأحد قولي الشافعي لأن الله تعالى أمر بالاكل من غير ذكر عوض فأشبه سائر ما أمر بأكله ولأنه عوض من عمله فلم يلزمه بدله كالأجير والمضارب (والثانية) يلزمه عوضه، وهو قول عبيدة السلماني وعطاء ومجاهد وسعيد بن جبير وأبي العالية لأنه استباحه بالحاجة من مال غيره فلزمه قضاؤه كالمضطر إلى طعام غيره والأول أصح لأنه لو وجب عليه إذا أيسر لكان وأجابا في الذمة قبل اليسار فإن اليسار ليس بسبب للوجوب فإذا لم يجب بالسبب الذي هو الاكل لم يجب بعده وفارق المضطر فإن العوض واجب عليه في ذمته ولأنه لم يأكله عوضا عن شئ وهذا بخلافه (فصل) فأما قرض مال اليتيم فإذا لم يكن فيه حظ له لم يجز قرضه، فمتى أمكن الولي التجارة به أو تحصيل عقار له فيه الحظ لم يقرضه لأن ذلك يفوت الحظ على اليتيم وان لم يمكن ذلك وكان قرضه حظا لليتيم جاز. قال احمد: لا يقرض مال اليتيم لاحد يريد مكافأته ومودته ويقرض على النظر والشفقة كما صنع ابن عمر، وقيل لأحمد ان عمر استقرض مال اليتيم قال إنما استقرض نظرا لليتيم واحتياطا إن أصابه بشئ غرمه، قال القاضي ومعنى الحظ أن يكون لليتيم مال في بلد فيريد نقله إلى بلد آخر فيقرضه من رجل في ذلك البلد ليقضيه بدله في بلده يقصد بذلك حفظه من الغرر في نقله أو يخاف عليه الهلاك من نهب أو غرق أو نحوهما، أو يكون مما يتلف بتطاول مدته أو حديثه خير من قديمه كالحنطة ونحوها فيقرضه خوفا أن يسوس أو تنقص قيمته وأشباه هذا فيجوز القرض لأنه مما لليتيم فيه الحظ فجاز كالتجارة به، وان لم يكن فيه حظ وإنما قصد ارفاق المقترض وقضاء حاجته فهذا غير جائز لأنه تبرع بمال اليتيم فلم يجز كهبته، وان أراد الولي السفر لم يكن له المسافرة بماله، وقرضه لثقة أمين
(٢٩٥)