إرادة التعميم وهو قوله: فإن كان مما ينقل فقبضه أخذه إياه من راهنه منقولا، وإن كان مما لا ينقل كالدور والأرضين فقبضه بتخلية راهنه بينه وبينه. وقال أحمد في الدار والجارية إذا ردها إلى الراهن لم يكن رهنا في الحال وهذا كقول الخرقي وقال مالك يلزم الرهن بمجرد العقد قبل القبض لأنه عقد يلزم بالقبض فلزم قبله كالبيع. ولنا قول الله تعالى (فرهن مقبوضة) وصفها بكونها مقبوضة ولأنه عقد ارفاق إلى القبول فافتقر إلى القبض كالقرض ولأنه رهن لم يقبض فلا يلزم اقباضه كما لو مات الراهن ولا يشبه البيع فإنه معاوضة وليس بارفاق وقول الخرقي: من جائز الامر. يعني ان الراهن الذي يرهن ويقبض يكون جائز التصرف في ماله وهو الحر المكلف الرشيد، ولا يكون محجورا عليه لصغر أو جنون أو سفه أو فلس، ويعتبر ذلك في حال رهنه واقبضاه لأن العقد والتسليم ليس بواجب وإنما هو إلى اختيار الراهن فإذا لم يكن له اختيار صحيح لم يصح، ولأنه نوع تصرف في المال فلم يصح من المحجور عليه من غير اذن كالبيع فإن جن أحد المتراهنين قبل القبض أو مات لم يبطل الرهن لأنه عقد يؤل إلى اللزوم فلم يبطل بجنون أحد المتعاقدين أو موته كالبيع الذي فيه الخيار ويقوم ولي المجنون مقامه. فإن كان المجنون الراهن وكان الحظ في التقبيض مثل أن يكون شرطا في بيع يستضر بفسخه ونحوه أقبضه، وإن كان الحظ في تركه لم يجز له تقبيضه، وإن كان المجنون المرتهن قبضه وليه إن اختار الراهن، وان امتنع لم يجبر وإذا مات قام وارثه مقامه في القبض فإن مات الراهن لم يلزم ورثته تقبيضه لأنهم يقومون مقام الراهن ولم يلزمه ذلك: فإن لم يكن على الميت دين سوى هذا الدين فأحب الورثة تقبيض الرهن جاز، وإن كان عليه دين سواه فظاهر المذهب أنه ليس للوارث تخصيص المرتهن بالرهن نص عليه أحمد في رواية علي بن سعيد وهو مذهب الشافعي، وذكر القاضي فيه رواية أخرى ان لهم ذلك أخذا مما نقل ابن منصور وأبو طالب عن أحمد أنه قال إذا مات الراهن أو أفلس فالمرتهن أحق به من الغرماء ولم يعتبر وجود القبض بعد الموت أو قبله، وهذا لا يعارض ما نقله علي بن سعيد لأنه خاص وهذا عام والاستدلال به على هذه الصورة يضعف جدا لندرتها فكيف يعارض به الخاص لكن يجوز أن يكون هذا الحكم مبنيا على الرواية التي لا يعتبر فيها القبض في غير المكيل والموزون فيكون الرهن قد لزم قبل القبض ووجب تقبيضه على الراهن فكذلك على وراثه، ويختص هذا بما عدا المكيل والموزون، وأما ما لم يلزم الرهن فيه فليس للورثة تقبيضه لأن الغرماء تعلقت ديونهم بالتركة قبل لزوم حقه في الرهن فلم يجز تخصيصه به بغير رضاهم كما لو أفلس
(٣٦٩)