البيع سواء كانت الدراهم والدنانير عندهما أولم يكونا إذا تقابضا قبل الافتراق بأن يستقرضا أو غير ذلك، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي، وحكي عن مالك لا يجوز الصرف إلا أن تكون العينان حاضرتين وعنه لا يجوز حتى تظهر إحدى العينين وتعين، وعن زفر مثله لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا تبيعوا غائبا منها بناجز " ولأنه إذا لم يعين أحد العوضين كان بيع دين بدين وهو غير جائز. ولنا أنهما تقابضا في المجلس فصح كما لو كانا حاضرين والحديث يراد به أن لا يباع عاجل بآجل، أو مقبوض بغير مقبوض بدليل ما لو عين أحدهما فإنه يصح، وإن كان الآخر غائبا والقبض في المجلس جرى مجرى القبض حالة العقد ألا ترى إلى قوله " عينا بعين يدا بيد " والقبض يجري في المجلس كذا التعين، إذا ثبت هذا فلا بد من تعيينهما بالتقابض في المجلس، ومتى تقابضا فوجد أحدهما بما قبضه عيبا قبل التفرق فله المطالبة بالبدل سواء كان العيب من جنسه أو من غير جنسه لأن العقد وقع على مطلق لا عيب فيه فله المطالبة بما وقع عليه العقد كالمسلم فيه، وان رضيه بعيبه والعيب من جنسه جاز كما لو رضي بالمسلم فيه معيبا، وإن اختار أخذ الأرش فإن كان العوضان من جنس واحد لم يجز لافضائه إلى التفاضل فيما يشترط فيه التماثل وإن كانا من جنسين جاز، فأما إن تقابضا وافترقا ثم وجد العيب من جنسه فله ابداله في أحدى الروايتين اختارها الخلال والخرقي وروي ذلك عن الحسن وقتادة، وبه قال أبو يوسف ومحمد وهو أحد قولي الشافعي لأن ما جاز ابداله قبل التفرق جاز بعده كالمسلم فيه (والرواية الثانية) ليس له ذلك هو قول أبي بكر ومذهب أبي حنيفة والقول الثاني للشافعي لأنه يقبضه بعد التفرق ولا يجوز ذلك في الصرف، ومن صار إلى الرواية الأولى قال قبض الأول صح
(١٧٠)