البيع من أجله وذلك سابق على البيع ولأنه إذا صح الفسخ الذي حصل به الضرر فالبيع المحصل للمصلحة أولى ولان النهي لحق آدمي فأشبه بيع النجش وهذا مذهب الشافعي (فصل) وروى مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا يسم الرجل على سوم أخيه " ولا يخلو من أربعة أقسام (أحدهما) أن يوجد من البائع تصريح بالرضا بالمبيع فهذا يحرم السوم على غير ذلك المشتري وهو الذي تناوله النهي (الثاني) أن يظهر منه ما يدل على عدم الرضا فلا يحرم السوم لأن النبي صلى الله عليه وسلم باع في من يزيد فروى أنس أن رجلا من الأنصار شكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم الشدة والجهد فقال له " أما بقي لك شئ؟ " فقال بلى، قدح وحلس قال " فائتني بهما " فأتاه بهما فقال " من يبتاعهما؟ " فقال رجل أخذتهما بدرهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم " من يزيد على درهم من يزيد على درهم " فأعطاه رجل درهمين فباعهما منه رواه الترمذي وقال حديث حسن، وهذا أيضا اجماع المسلمين يبيعون في أسواقهم بالمزايدة (الثالث) أن لا يوجد منه ما يدل على الرضا ولا على عدمه فلا يجوز له السوم أيضا ولا الزيادة استدلالا بحديث فاطمة بنت قيس حين ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم أن معاوية وأبا جهم خطباها فأمرها أن تنكح أسامة وقد نهى عن الخطبة على خطبة أخيه كما نهى عن السوم على سوم أخيه فما أبيح في أحدهما أبيح في الآخر (الرابع) أن يظهر منه ما يدل على الرضا من غير تصريح فقال القاضي لا تخرم المساومة وذكر ان احمد نص عليه في الخطبة استدلالا بحديث فاطمة ولان الأصل إباحة السوم والخطبة فحرم منع ما وجد فيه التصريح بالرضا وما عداه يبقى على الأصل، ولو قيل بالتحريم ههنا لكان وجها حسنا فإن النهي عام خرجت منه الصور المخصوصة بأدلتها فتبقى هذه الصورة على مقتضي العموم ولأنه وجد منه دليل الرضا أشبه ما لو صرح به ولا يضر اختلاف الدليل بعد التساوي في الدلالة وليس في حديث فاطمة ما يدل على الرضا لأنها جاءت مستشيرة للنبي صلى الله عليه وسلم ذلك دليلا على الرضا فكيف ترضى وقد نهاها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله " لا تفوتينا بنفسك " فلم تكن تفعل شيئا قبل مراجعة النبي صلى الله عليه وسلم، والحكم في الفساد كالحكم في البيع على بيع أخيه في الموضع الذي حكمنا بالتحريم فيه (فصل) بيع التلجئة باطل وبه قال أبو يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة والشافعي هو صحيح لأن البيع تم بأركانه وشروطه خاليا عن مقارنة مفسد فصح كما لو اتفقا على شرط فاسد ثم عقدا البيع بغير شرط ولنا أنهما ما قصدا البيع فلم يصح منهما كالهازلين ومعنى بيع التلجئة أن يخاف أن يأخذ السلطان أو غيره ملكه فيواطئ رجلا على أن يظهرا أنه اشتراه منه ليحتمي بذلك ولا يريدان بيعا حقيقيا {مسألة} قال (فإن باع حاضر لباد فالبيع باطل) وهو أن يخرج الحضري إلى البادي وقد جلب السلعة فيعرفه السعر ويقول أنا أبيع لك فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال " دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض " والبادي ههنا من يدخل البلدة من غير أهلها سواء كان بدويا أو من قرية أو بلدة أخرى نهى النبي صلى الله عليه وسلم الحاضر أن يبيع له قال ابن عباس نهى النبي صلى الله عليه أن تتلقى الركبان وأن يبيع حاضر لباد قال فقلت لابن عباس: ما قوله
(٢٧٩)