(فصل) والدقيق والسويق مكيلان لأن أصلهما مكيل ولم يوجد ما ينقلهما عنه ولأنهما يشبهان ما يكال، وذكر القاضي في الدقيق أنه يجوز بيع بعضه ببعض بالوزن ولا يمتنع أن يكون أصله مكيلا وهو موزون كالخبز ولنا ما ذكرناه ولأنه يقدر بالصاع بدليل أنه يخرج في الفطرة صاع من دقيق، وقد جاء في الحديث والصاع إنما يقدر به المكيلات، وعلى هذا يكون الاقط مكيلا لأن في حديث صدقة الفطر صاع من أقط (فصل) فأما اللبن وغيره من المائعات كالادهان من الزيت والشيرج والعسل والخل والدبس ونحو ذلك فالظاهر أنها مكيلة قال القاضي في الادهان هي مكيلة، وفي اللبن يصح السلم فيه كيلا، وقال أصحاب الشافعي لا يباع اللبن بعضه ببعض الا كيلا، وقد روي عن أحمد أنه سئل عن السلف في اللبن فقال نعم كيلا أو وزنا وذلك لأن الماء مقدر بالصاع، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع، ويغتسل هو وبعض نسائه من الفرق، وهذه مكاييل قدر بها الماء وكذلك سائر المائعات وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع ما في ضروع الانعام إلا بالكيل. رواه ابن ماجة، وأما غير المكيل والموزون فما لم يكن له أصل بالحجاز في كيل ولا وزن ولا يشبه ما جري فيه العرف بذلك كالثياب والحيوان والمعدودات من الجوز والبيض والرمان والقثاء والخيار وسائر الخضراوات والبقول والسفرجل والتفاح والكمثرى ونحوها فهذه المعدودات إذا اعتبرنا التماثل فيها فإنه يعتبر التماثل في الوزن لأنه أخصر. ذكره القاضي في الفواكه الرطبة وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي والآخر قالوا يعتبر ما أمكن كيله بالكيل، ولان الأصل الأعيان الأربعة وهي مكيلة ومن شأن الفرع أن يرد إلى أصله بحكمه والأصل حكمه تحريم التفاضل بالكيل فكذلك يكون حكم فروعها. ولنا أن الوزن أخصر فوجب اعتباره في غير المكيل والموزون كالذي لا يمكن كيله، وإنما اعتبر الكيل في المنصوص عليه لأنه يقدر به في العادة وهذا بخلافه.
{مسألة} قال (والتمور كلها جنس وإن اختلفت أنواعها) الجنس هو الشامل لأشياء مختلفة بأنواعها، والنوع الشامل لأشياء مختلفة بأشخاصها، وقد يكون النوع جنسا بالنسبة إلى ما تحته نوعا بالنسبة إلى ما فوقه، والمراد هنا الجنس الأخص والنوع الأخص فكل نوعين اجتمعا في اسم خاص فهما جنس كأنواع التمر وأنواع الحنطة فالتمور كلها جنس واحد لأن الاسم الخاص يجمعها وهو التمر وان كثرت أنواعه كالبرني والعقلي والإبراهيمي والخاستوي