{خيار المتبايعين} أي باب خيار المتبايعين فحذف اختصارا {مسألة} قال أبو القاسم رحمه الله (والمتبايعان كل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا بأبدانهما) في هذه المسألة ثلاثة فصول (أحدها) ان البيع يقع جائزا ولكل من المتبايعين الخيار في فسخ البيع ما داما مجتمعين لم يتفرقا وهو قول أكثر أهل العلم يروى ذلك عن عمرو ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وأبي برزة وبه قال سعيد بن المسيب وشريح والشعبي وعطاء وطاوس والزهري والأوزاعي وابن أبي ذئب والشافعي وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور. وقال مالك وأصحاب الرأي: يلزم العقد بالايجاب والقبول ولا خيار لهما لأنه روي عن عمر رضي الله عنه: البيع صفقة أو خيار. ولأنه عقد معاوضة فلزم بمجرده كالنكاح والخلع. ولنا ما روى ابن عمر عن رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعا أو يخير أحدهما الآخر، فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع، وان تفرقا بعد أن تبايعا لم يترك أحدهما البيع فقد وجب البيع " متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا " رواه الأئمة كلهم، ورواه عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وحكيم بن حزام وأبو برزة الأسلمي، واتفق على حديث ابن عمر وحكيم. ورواه عن نافع عن ابن عمر مالك وأيوب وعبيد الله بن عمر وابن جريح والليث بن سعد ويحيى بن سعيد وغيرهم، وهو صريح في حكم المسألة. وعاب كثير من أهل العلم على مالك مخالفته للحديث مع روايته له وثبوته عنده. وقال الشافعي رحمه الله: لا أدري هل اتهم مالك نفسه أو نافعا؟ وأعظم أن أقول عبد الله بن عمر وقال ابن أبي ذئب يستتاب مالك في تركه لهذا الحديث فإن قيل المراد بالتفرق ههنا التفرق بالأقوال كما قال الله تعالى (وما تفرق الذين أوتوا الكتاب) وقال النبي صلى الله عليه وسلم " ستفترق أمتي
(٦)