سمنا. ولنا أنه وجد المبيع المكيل ناقصا فأشبه ما لو اشترى صبرة فوجد تحتها ربوة أو اشتراها على أنها عشرة أقفزة فبانت تسعة، وقد بينا أنه يأخذ الموجود بقسطه من الثمن كذا ههنا. فعلى هذا إنما يأخذ الموجود من السمن بقسطه من الثمن، ولا يلزم البائع أن يعطيه سمنا سواء كان موجودا عنده أو لم يكن، فإن تراضيا اعطائه سمنا جاز والله أعلم {باب المصراة وغير ذلك} التصرية جمع اللبن في الضرع يقال صرى الشاة وصرى اللبن في ضرع الشاة بالتشديد والتخفيف ويقال صرى الماء في الحوض وصرى الطعام في فيه صرى الماء في ظهره إذا ترك الجماع وأنشد أبو عبيدة رأيت غلاما قد صرى في فقرته * ماء الشباب عنفوان شرته وماء صري وصر إذا طال استنقاعه قال البخاري أصل التصرية حبس الماء يقال صريت الماء ويقال للمصراة المحفلة وهو من الجمع أيضا، ومنه سميت مجامع الناس محافل والتصرية حرام إذا أراد بذلك التدليس على المشتري لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا تصروا " وقوله " من غشنا فليس منا " وروى ابن ماجة في سننه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " بيع المحفلات خلابة ولا تحل الخلابة لمسلم " رواه ابن عبد البر ولا يحل خلابة لمسلم {مسألة} قال (وإذا اشترى مصراة وهو لا يعلم فهو بالخيار بين أن يقبلها أو يردها وصاعا من تمر) الكلام في هذه المسألة في فصول ثلاثة (الأول) أن من اشترى مصراة من بهيمة الأنعام لم يعلم تصريتها ثم علم فله الخيار في الرد والامساك روي ذلك عن ابن مسعود وابن عمر وأبي هريرة وأنس واليه ذهب مالك وابن أبي ليلى والشافعي وإسحاق وأبو يوسف وعامة أهل العلم، وذهب أبو حنيفة ومحمد إلى أنه لاخيار له لأن ذلك ليس بعيب أنه لو لم تكن مصراة فوجدها أقل لبنا من أمثالها لم يملك ردها والتدليس بما ليس بعيب لا يثبت الخيار كما لو علفها فانتفخ بطنها فظن المشتري أنها حامل ولنا ما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا تصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها بعد فإنه بخير النظرين بعد أن يحتلبها ان شاء أمسكها وان شاء ردها وصاعا من تمر " متفق عليه، وروى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " من ابتاع محفلة فهو بالخيار ثلاثة أيام إن ردها رد معها مثل أو مثلي لبنها قمحا " رواه أبو داود، ولان هذا تدليس بما يختلف الثمن باختلافه فوجب به الرد كما لو كانت شمطاء فسود شعرها، وقياسهم يبطل بتسويد الشعر فإن بياضه ليس بعيب كالكبر، وإذ دلسه ثبت له الخيار، وأما انتفاخ البطن فقد يكون من الأكل والشرب فلا معنى لحمله على الحمل، وعلى أن هذا القياس يخالف النص واتباع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى. إذا تقرر هذا فإنما يثبت الخيار بشرط أن
(٢٣٣)